-

كتابنا

تاريخ النشر - 05-07-2022 09:28 AM     عدد المشاهدات 374    | عدد التعليقات 0

الشباب في زمن التحول الرقمي

الهاشمية نيوز -
د. ماجد الخواجا

إن واقع الشباب في العالم العربي يعاني من جملة أزمات، فقد أدت المتغيرات الاجتماعية في العصر الحديث إلى خلل في الأسرة العربية، بعد أن غزت الثقافات الوافدة المجتمعات، وأدت إلى تصدعات داخل الأسرة، الأمر الذي غير من شكل العلاقات الأسرية والاجتماعية، واهتزت بعض القيم والمبادئ لدى الشباب وظهرت هموم ومشكلات عابرة للشباب والمجتمعات وفي المقدمة منها البحث عن الهوية والذات، البحث عن تأمين احتياجات الحياة الأساسية، البحث عن فرصة عمل، عن تلبية هوايات واهتمامات وأولويات.

إن مثلث القلق العالمي المتمثل في « الجهل والفقر والمرض» أصبح واقعا في كثير من الدول رغم كل التقدم التقني والتطور في مختلف المجالات، إلا أن العجز عن مواجهة هذه المعضلات ملاحظ وبقوة في كثير من الدول، وكأن مقولة العولمة المثقلة بالفوضى الخلاقة أخذت موقعها فعليا لتؤسس حقيقة معادلة أن خمس سكان العالم يحصلون على أربع أخماس الموارد، فيما يحصل الأربع أخماس من العالم على خمس الموارد فقط. وربما مع جائحة كوفيد – 19 التي اجتاحت العالم وغيّرت شكل وبنية العلاقات وسلاسل التوريد واولويات الاحتياجات من السلع وشيوع التعامل « عن بعد» والأهم هو الانتشار الواسع للتكنولوجيا الرقمية التي أصبحت الأداة الرئيسة لإجراء أية تعاملات ترتبط بالفرد أو الجماعة. هذه الجائحة التي ما زال العالم يئن تحت وطأتها، ساهمت في إعادة رسم شكل العالم وعلاقاته واهتماماته.

إن مشكلات الشباب متنوعة ومتشعبة للدرجة التي قد يصعب لدراسة أو بحث الإلمام بأطرافها، فالشباب لديهم مشكلات جنسية، اجتماعية، فكرية، دراسية، عائلية، سياسية، رياضية، بطالة، عنوسة، عنف مجتمعي، إدمان مخدرات ومواقع تواصل اجتماعي، مشكلات في تحقيق الذات، في الهوية، في العادات والتقاليد وحتى المعتقدات.

كان الحديث قبل فترة وجيزة عن مفهوم « فجوة الأجيال» generation gap والتي تتحدث عن وجود فجوة بين جيل والجيل الذي سبقه وتتمثل في اختلاف الأولويات والإهتمامات والاحتياجات بين الجيلين، لكن مع سرعة التقادم أصبحنا نشهد الفجوة داخل أبناء الجيل الواحد، بين أن تقتني مركبة تسير بالبنزين، ومركبة تسير بالكهرباء، بين أن تقتني جهاز خليوي أو شاشة تلفزيون بمواصفات تتباين تماماً مع كل انتاج جديد لها، بين الاشتراك في خطوط G4 و G5، بين التعامل مع الميتافيرس والتعامل مع الفيس بوك.

إن الشباب تئن تحت وطأة الإغتراب عن الحياة وتلبية متطلباتها، عن توافر بل فيضان البدائل والخيارات مع شح الإمكانات، فإذا كانت المشكلة قديما تبدو في ندرة البدائل، فإنها الآن تبدو في وفرة البدائل.

حقاً يقال بأن كل الدروس النظرية وما كتب عن السباحة لا تغني عن التجربة العملية لمدة دقائق.. إن التنظير لم يعد مجدياً مع الشباب، وهم أيضا لا يريدون فقط مشاهدة نماذج يتم توفير أسباب النجاح لها، فيما يظل الغالبية العظمى منهم يعانون من فقر مزمن في المتاح أمامهم.

لقد شاركت قبل سنوات في وضع أسس الاستراتيجية الوطنية للشباب والتي لم تر النور بسبب عدم وضع خطة تنفيذية لها، هناك تشابك وتداخل كثير من الجهات الرسمية والخاصة في تحديد مستقبل الشباب والعمل على توفير ما يليق بهم من حياة كريمة. وهذا يتطلب تنسيقاً حقيقياً بين كل الجهات المعنية بالشباب سواء أكانت وزارات التربية والتعليم العالي والعمل والثقافة والتدريب المهني والتنمية الاجتماعية والعدل والداخلية والتنمية السياسية ومجلسي النواب والأعيان، وطبعا وزارة الشباب، إضافة إلى دور منظمات المجتمع المدني والهيئات الخيرية والتطوعية والتعاونية، إنها جميعاً معنية بأن تكون جزءاً من عمليات دعم وتعزيز مشاركة الشباب في الحياة العامة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :