-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 06-06-2022 09:16 AM     عدد المشاهدات 190    | عدد التعليقات 0

خلافات تحسم قبل الحكم بالطلاق .. فهل لدى الأزواج رغبة حقيقية بالإصلاح؟

الهاشمية نيوز - في خطوة وجدها خبراء إيجابية نحو التخفيف من حدة النزاعات الأسرية وصولا لحلول ترضي الطرفين، فإن تحويل قضايا الطلاق إلى مديرية الإصلاح الأسري قبل النظر فيها كإجراء روتيني تتبعه المحاكم الشرعية، يعد تجربة رائدة في دائرة قاضي القضاة بعد أن نجحت بالنظر خلال العام 2021 بـ60399 حالة بزيادة نسبتها 25 % على العام السابق؛ حيث وصل عدد اتفاقيات الصلح التي نظمتها مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري إلى 25377 اتفاقية وبزيادة نسبتها 26 % على العام السابق.
الزيادة التي حققتها مكاتب الإصلاح الأسري تؤكد الوعي الكبير لدى المتنازعين بأهمية منظومة الأسرة والسعي إلى حل الخلافات الأسرية من خلال جهات مختصة وحكيمة وعدم اللجوء إلى الطلاق والحفاظ على تماسك الأسرة حتى آخر رمق.
ويبين خبراء لـ”الغد”، أن اللجوء لمكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري لتفادي استمرار المشكلات والنزاعات أو الطلاق هو مؤشر إيجابي على دور مكاتب الإصلاح الأسري وفعاليتها وحرص القائمين عليها على حل المشكلات وتقليل حالات الطلاق، كما أنه مؤشر أيضا على رغبة الكثيرين باستمرار الحياة الزوجية وعدم اللجوء إلى الطلاق.
وأشاروا إلى أن اللجوء إلى مكاتب الإصلاح نابع من القناعة بأهمية الأسرة ودورها في المجتمع، كما يؤكد الحاجة إلى نشر ثقافة الحوار وإعداد الشباب والفتيات للزواج وتيسير الوصول لخدمات الإرشاد الأسري الدائم وضرورة قيام وسائل الإعلام بدورها في التوعية وتثقيف المجتمع للتقليل من المشكلات.
المحامية والمدير التنفيذي للشبكة القانونية للنساء العربيات سماح مرمش، تبين أن الإجراءات التي تتبعها المحاكم الشرعية في القضايا التي تتعلق بالنفقة أو التفريق أو الطلاق التي تقتضي تحويلها أولا إلى مديرية الإصلاح الأسري، استفاد منها عدد من الأسر، عازية ذلك إلى عوامل اجتماعية عدة.
وتعرف مرمش الإصلاح الأسري بأنه إجراء لحل النزاع الأسري والإبقاء على الأسرة، وبذلك يمنع جريمة قتل أو إيذاء، وهو إجراء حمائي من الوصول إلى نهاية غير محمودة لا سمح الله.
وتعتبر مرمش خطوة دائرة قاضي القضاة في توجيه المقبلين على الزواج من جهة والتعامل مع المشاكل والخلافات الأسرية من خلال مكاتب الإصلاح الأسري من جهة أخرى، خطوة إيجابية ولها أهمية كبيرة في الحفاظ على منظومة الأسرة.
وتلفت مرمش إلى أن تحويل الخلافات الأسرية الى مكاتب الإصلاح أمر يسهم في تقريب وجهات النظر بعيدا عن النزاع والعنف الأسري واتباع الحكمة والعقل في إصلاح المشاكل للحد من الطلاق.
وتعتبر مرمش هذه الخطوة حجر أساس، لكنها تحتاج إلى الكثير للوصول إلى الغاية الحقيقية من وجودها من خلال فريق مختص ومدرب من ذوي الخبرة العملية التي تمتلك المهارات في حل النزاعات الأسرية.
وتقول مرمش “الأردن من الدول الأوائل عربيا، وهي رائدة في مجال الإصلاح الأسري”، إلا أن الاستمرار بهذا المجال يحتاج إلى ممارسة فعلية.
ما يدعو للقلق في القضايا التي تتعامل معها مكاتب الإصلاح الأسري، بحسب مرمش، بأنه ليس كل نزاع أسري يمكن معه الإصلاح الذي غالبا ما يكون على حساب طرف يكون الحلقة الأضعف، وذلك للحفاظ على استمرار الحياة الأسرية لكن بشكل مؤقت.
وتقول مرمش “التوجه للإصلاح الأسري يتطلب مكانة علمية عالية ومهنية وخبرة للتمييز بين النزاعات التي يمكن بها الإصلاح والأخرى التي قد تنتهي بجريمة”، مستشهدة بحالات نزاعات انتهت بإيذاء وعنف أسري.
وتضيف “لابد أن يكون الإصلاح جذريا ليس مؤقتا حتى نتمكن من علاج المشكلة ونعتبرها حالة إصلاحية”.
ووفق مرمش، فالأصل ألا تحل المشاكل ظاهريا ولابد من البحث عن حلول جوهرية بعيدة الأمد، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لكل قضية حيثياتها دون أن يضطر أحد الأطراف لتهدئة الوضع بشكل مؤقت.
ولا يقتصر الإصلاح الأسري، بحسب مرمش، على الإصلاح وحل الخلاف، وإنما يمكن أن يكون أيضا في الإبقاء على قضية الطلاق قائمة ولكن بشكل ودي بعيدا عن المشاكل والحرب الطاحنة التي غالبا ما يكون ضحيتها الأطفال.
وتبين مرمش أنه وبالرغم من الجهود المشكورة التي تبذلها دائرة قاضي القضاة في مكاتب الإصلاح الأسري، إلا أنه يتوجب أن يتكون الفريق الذي يعمل على هذه القضايا من اختصاصي نفسي واجتماعي، إضافة إلى خبير علاقات زوجية، وذلك للاستفادة من خبراتهم العملية في حل النزاعات الأسرية وتقييم الوضع النفسي والاجتماعي للمتنازعين دون أن يظلم طرف دون آخر.
وتردف مرمش “إذا كان الاستمرار في العلاقة الزوجية قد يؤدي إلى أضرار جسيمة أو عنف أسري ناتجة عن مشاكل نفسية لا يعترف بها الطرف المسبب بالعنف ولم يتلق العلاج، فإنه في هذه الحالة قد ينتج عنها عنف وجريمة”.
وتلفت إلى أن غياب الخبرات في المعالجة النفسية عن مكاتب الإصلاح قد يكون سببا في عدم أخذ القرار المناسب في بعض القضايا التي يكون الخلاف فيها نفسيا، مقدرة الجهود التي تبذلها مكاتب الإصلاح الأسري، إلا أنه يجب مأسسة العمل الإصلاحي بطريقة صحيحة تحاكي الواقع والمرحلة الزمنية التي تمر به.
الخبير الأسري مفيد سرحان، يشير إلى أن التعامل مع الآخرين يحتاج إلى امتلاك مهارات كثيرة لأن طباع الناس مختلفة وكذلك طريقة نظرتهم الى الأمور ودلالات الكلمات والأفعال. ويحتاج التعامل بين الزوجين، بحسب سرحان، الى قدر كبير من الحكمة والتحمل والتسامح من الطرفين وإدراك أن الحياة الزوجية مقدسة وأن الزواج له أهداف منها تحقيق السكن والطمأنينة والمودة والرحمة والسكن، فاستقرار الأسرة وديمومتها ونجاحها مسؤولية الزوجين.
ويقول سرحان “يجب الحرص على امتلاك مهارات حل المشكلات والتعامل مع الآخر، والأفضل أن يكون ذلك قبل الزواج ويستمر في مرحلة ما بعد الزواج”، لافتا إلى أن حدوث مشكلة لا يعني نهاية الحياة الزوجية إذا امتلك الزوجان الوعي والشعور بالمسؤولية والحرص على استدامة الحياة الأسرية، والأصل اعتماد الحوار منهج حياة للجميع.
التعامل مع المشكلات يجب أن يتم على أسس صحيحة تبدأ من تحديد طبيعة المشكلة وحجمها، وفق سرحان، من دون تهويل أو تهوين وهو المنطلق الأهم في التعامل، مع الحرص على عدم اطلاع الآخرين على المشكلات أو نقل التفاصيل الى الأهل لأن ذلك قد يسهم في تفاقم المشكلات.
وفي بعض الأحيان، يمكن للزوجين اللجوء إلى أحد أفراد الأسرة ممن عرف بالحكمة والعدل والاتزان والقدرة على التعامل مع المشكلات ولديه الرغبة الصادقة بالإصلاح ويتصف بكتم الأسرار والقبول لدى الزوجين وهو موضع ثقة وأن يكون قادرا على حل المشكلات دون إضرار بأي من الطرفين ومع تحقيق مصلحة الأسرة.
ويلجأ البعض الآخر من الأزواج، بحسب سرحان، إلى مكاتب الاستشارات الأسرية الموثوقة التي يقوم عليها أشخاص مؤهلون لا يسعون إلى الكسب المادي، وهي جهات يمكن الاستعانة بها في حال لم يكن داخل العائلة من يستطيع التعامل مع المشكلة.
دائرة قاضي القضاة افتتحت، منذ أعوام، مكاتب للإصلاح الأسري تقدم خدماتها لأعداد كبيرة، وقد تزايد أعداد المستفيدين من خدماتها والذين تمكنوا من حل مشكلاتهم من خلالها، ولفت سرحان إلى أن إنهاء الحياة الأسرية واللجوء إلى الطلاق يجب أن يكون في أضيق الحالات والتي تستحيل فيها الحياة الزوجية ولا يكون أول الحلول.
وبلغت الحالات التي نظرت بها مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري، بحسب التقرير السنوي لدائرة قاضي القضاة 2021، 60399 حالة وبزيادة نسبتها 25 % على العام السابق، وعدد اتفاقيات الصلح التي نظمتها مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري 25377 اتفاقية وبزيادة نسبتها 26 % على العام السابق، في حين بلغ عدد الحالات التي تم فيها إصلاح الأطراف المعنية دون حاجة إلى تنظيم اتفاقية بينها 6766 حالة وبزيادة نسبتها 34 % على العام السابق.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :