-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 10-05-2022 09:06 AM     عدد المشاهدات 191    | عدد التعليقات 0

في الصدمات وحالات الفقد .. كيف يواجه الإنسان واقعه الجديد؟

الهاشمية نيوز - تفاصيل يومية، ربما كانت بسيطة وعابرة؛ لكنها الآن باتت أمنيات لدى أشخاص فقدوا عزيزاً أو غادروا مكاناً، ولم يعد يتسلل ليومياتهم سوى ذكريات تُفقد الشخص القدرة على التعايش والتأقلم مع ظروف ما بعد “الصدمة”.
فقدان أحد افراد الأسرة او الأصدقاء المقربين من أكثر المواقف التي قد يجد فيها الإنسان صعوبة في القدرة على التأقلم والتعايش بالمراحل اللاحقة، وقد يكون الفقد بسبب “موت، طلاق وانفصال، سفر وهجرة”، وغيرها من الظروف الاجتماعية التي تمر في حياة الإنسان.
“تفاصيل ما بعد فقدان أمي هي أكثر ما يؤلمني رغم مرور عشر سنوات على وفاتها”، تلك التفاصيل وفق مها حسن، ما زالت تدور في خلدها وترى نفسها تعاني لغاية الآن بسبب هذا الفقد. هي تخطت تلك السنوات لكن بصعوبة وتشعر أحياناً بضيق ونوبة بكاء عندما تتذكر يومياتها مع والدتها.
مها وبعد سنوات من زواجها، لم تنفك يوماً عن تذكر والدتها، وفي بعض الأيام تمر بلحظات تشعر فيها بالإحباط واليأس رغم حياتها المستقرة مع زوجها وأبنائها، ولكن عدم القدرة على التأقلم لغاية هذه الفترة يزعجها ويؤثر في عملها وعلاقاتها مع المحيطين.
وبحسب دراسات نفسية متعددة حول ماهية التأقلم ما بعد الصدمة، فقد عرفه مجموعة من العلماء على أنه “الاستراتيجيات التي يستخدمها الناس غالبًا في مواجهة الإجهاد أو الصدمة للمساعدة في إدارة المشاعر المؤلمة أو الصعبة، حيث يمكن أن يساعد التأقلم العاطفي في علم النفس الأشخاص على التكيف مع الأحداث المجهدة بينما يساعدهم في الحفاظ على سلامتهم العاطفية”.
وقد يصاب الكثير من الأشخاص بعدم القدرة على التأقلم ومن مختلف الأعمار ويصيب الأطفال عادةً في مرحلة انفصال الوالدين، والتي تعتبر حرجة مع عدم القدرة على التأقلم والعيش في كنف أشخاص جدد في الحياة سواء من ناحية الأب أو الأم، ومنهم من يشعر بالإحباط المزمن وعدم القدرة على التأقلم حتى سنوات طويلة من حياتهم.
أخصائي الطب النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنه يرى ان الفقد لأشخاص او أماكن وتفاصيل لها آثار جسيمة في سلوك الإنسان والتي تتوجب عليه التكيف مع الواقع الجديد بعد فقدان الشيء، بحيث يصبح لديه ردة فعل نفسية من إحباط وفقدان الإحساس بالحياة والخوف وأحيانا الفوبيا من هذا التغيير.
وللتخلص من تلك المشاعر السلبية ومن تلك النتائج بحسب مطارنه، ينبغي التحلي بالعديد من المهارات الحياتية الخاصة بالإنسان بحيث يساعد نفسه على التعامل مع متغيرات الحياة المتوقعة وغير المتوقعة، ويحصن نفسه بالقدرة على مواجهة المواقف التي قد تحدث معه على إثر الفقد للتفاصيل بشكل حكيم.
وحول أهمية وجود الداعمين حول الفرد، ترى الأخصائية التربوية الدكتورة انتصار ابو شريعة أن الإنسان عليه دائماً أن يساعد نفسه ويدعمها، ولكن يجب عليه في ذات الوقت أن يبحث عن الإيجابيين وتجنب من يفيضون بالطاقة السلبية والإحباط، ومحاولة تخطي شعور الخوف والقلق والتوتر.
بيد أن الفقدان لا يرتبط فقط بالأشخاص بل بالأماكن كذلك، فالانتقال من بيت العائلة إلى مكان آخر أو الهجرة من بلد إلى بلد، يحتاج إلى جهد مضاعف لتقبل الفكرة والتأقلم مع المكان، خاصة في حالات “الهجرة طويلة الأمد”.
وللتأكيد على مدى تاثير تغيير المكان “قسراً” على الحالة النفسية للإنسان وعدم قدرته على التأقلم والتعايش، فإن إحصاءات منظمة الصحة العالمية أثبتت بأن هناك “شخص كل 40 ثانية يموت منتحرًا، ومقابل كل شخص منتحر يوجد أكثر من 20 شخصًا حاولوا الانتحار ومن الأسباب الواردة في التقرير حول ذلك هو الحروب الأهلية عندما يرتبط ذلك بالإقصاء والهجرة القسرية والاضطرار إلى ترك الأوطان”.
وفي حالة تدل على ذلك، فإن سمر إسماعيل على الرغم من أن زوجها إجتهد كثيراً في سبيل الحصول على فرصة عمل في إحدى الدول الأوروبية، لكنها لم تستطع ان تستقر مع أطفالها خارج الوطن، وتقول “كانت فترة صعبة للغاية لم أستطع أن أتعلم اللغة ولا اجد أصدقاء لي ولأطفالي، وكانت الإقامة في الخارج عبئ نفسي على الأسرة”.
لذلك قررت سمر ان تعود أدراجها وتتعافى من تبعات تلك الهجرة القصيرة، مبينة أن تفاصيل العائلة والأسرة والجيران والحارات كانت سبباً في عودتها للإستقرار في البلد، على الرغم من محاولاتها للتأقلم لكنها وجدت أجمل التفاصيل في المكان الذي عاشت فيه ولا تستطيع الاستغناء عنه.
ولا ينكر مطارنة أن كثيرا من الحالات التي تعاني من عدم القدرة على التأقلم والتعايش قد تحتاج إلى العلاج بأكثر من شكل، خصوصا بالوصول لحالة من الاكتئاب والانهيار العصبي والحزن المستمر وأحيانا الشعور بالألم، لذلك لا بد للانسان ان يخرج من هذه الحالة بمرونة وقدرة على التكيف وبناء معطيات حياتية جديدة وان ينبع لديه دائما الإيمان الداخلي بأن الحياة متجددة وتتغير وفيها كل الجوانب سواء السلبية أو الايجابية.
وعليه كذلك، أن يركز على الجوانب الايجابية حتى يتمكن من تجاوز تلك المرحلة، فالحياة بالمجمل ما هي إلا لوحة فسيفساء تحمل الكثير من الاحتمالات، وعلى الإنسان أن ينظر لها بتقبل الأمر الذي سيمنحه راحة نفسية ويخفف من آثار الفقد. ولا بد أن يكون لديه افكار ومفاهيم قوية بأنه لا يملك دائما قرارات الحياة كلها، خاصة ما يدخل ضمن إطار القضاء والقدر، لذا على الإنسان أن يكون دائما متسلحا بالإيمان لمواجهة تلك التقلبات والاستعداد لها دائما.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :