-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 12-04-2022 10:08 AM     عدد المشاهدات 301    | عدد التعليقات 0

أمننا الغذائي في دائرة الخطر

الهاشمية نيوز -
تهاني روحي

ما ان تنفسنا الصعداء من بوادر خروجنا من أزمة الغذاء أثناء عبورنا من نفق الجائحة الطويل، حتى حدثت أزمة الحرب الدائرة في أوكرانيا وروسيا، لتدق ناقوس الخطر من جديد على أزمة الغذاء، ولتنذرنا بأننا نقترب فيها أعوام الجوع.
وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش» فان الحرب في أوكرانيا قد تسبب بتفاقم أزمة الغذاء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديدا، مشددة على حماية الحق في الغذاء الكافي وميسور التكلفة للجميع. هذا ان علمنا ان أوكرانيا وروسيا مصدران رئيسيان للمنتجات الزراعية بالنسبة للعديد من دولنا.
ومنذ بداية الجائحة شدد جلالة الملك عدة مرات على موضوع الزراعة، وشارك في لقاءات للحديث عن هذا الموضوع سواء محليا أو دوليا ركز خلالها على أهمية النهوض بالأمن الغذائي. وقد قرأت منذ وقت قريب دراسة أكاديمية قام بها خبير زراعي وهو بروفيسور من جامعة ويل كورنيل الأميركية عن مشروع قرية العدسية الأردنية، وهذه الدراسة منشورة على الإنترنت حيث يوضح فيها الباحث د. ايرج بوستشي العمليات العديدة التي أثرت وتشكلت على مدى أكثر من ثمانية عقود منذ أن أقام المهاجرون (العجم) الأوائل فيها على العديد من التطورات الاجتماعية والاقتصاديّة المتنوّعة في العدسيّة، وكانت عملية إنتاج الغذاء الأكثر فاعلية. فقد تمّ تخصيص جزء من أراضي كل مزارع لإنتاج الخضار والفاكهة، وخصّص الباقي لمحاصيل الحبوب مثل القمح والشعير وكذلك لزراعة الحمّص والفاصوليا.
ففي وقت مبكر يصل إلى عام 1910، بدأ المزارعون البهائيون في إنتاج المحاصيل الزراعية البحتة ومحاصيل الخضار والفاكهة. وهكذا تم إنتاج القمح والشعير والحمص والعدس والفاصوليا جنبا إلى جنب مع الخضار والفواكه مثل الخيار والباذنجان والموز والبندورة والبرتقال، ولا بد أن كثيرا من الأجداد اليوم يستذكرون هذه التجربة الفريدة في الأمن الغذائي.
كما ان إدخال الموز عن طريقهم إلى أنظمة إنتاج المزارعين يعتبر حالة من الابتكار والتنويع ومثيرة للاهتمام باستخدام نظام الحوض بدلاً من زراعة الصفوف التقليدية. وهو أفضل ممارسة ثقافية زراعية لمناخ العدسية، فقد سمح لمياه الري بالتسلل وبشكل شامل إلى أعماق التربة لمنع الإجهاد النباتي الناتج عن تذبذب محتوى رطوبة التربة. ويوضح الباحث أن سببا آخر دعاه لإجراء هذه الدراسة هو معرفة تأثير تطبيق القيم الأخلاقية والروحانية في العمل اليومي للمزارعين. هذه القيم، كان لها تأثير كبير على أنظمة الإنتاج والتّسويق، مما أدى إلى تحسين ثروات المزارعين وكذلك رفاه الأفراد والمجتمع على السواء. وربما تتمثل إحدى السمات المهمة لهذه الدراسة في أنها تقدم لمحة عن مشروع تنموي، فتم تحويل دُغل العدسية إلى حقول منتجة مزدهرة من المحاصيل الزراعيّة، والبساتين، ومزارع الموز، واليوم كم نحن بحاجة الى مشاركة هذه التجربة لنشر ثقافة الزراعة لتشمل جميع محافظاتنا وقرانا.
ان القاء الضوء على مثل هذه المبادرات الزراعية سواء كانت في الماضي أو حاليا مثل مبادرة (ذكرى) فانها تعطينا لمحة عما يمكن لمثل هذه المبادرات أن تقوم بنشر ثقافة الزراعة والسيادة الغذائية، خاصة أن الأمن الغذائي الأردني يصنف في دائرة الخطر. فالأردن يستورد نحو 90 % من حاجاته الغذائية من الخارج، وهذا مؤشر اقتصادي خطير.
وفكرة مشروع (ذكرى) ايجاد أراض غير مستثمرة يمكن لأصحابها تقديمها للمشروع ودعوة كل المهتمين وخاصة الشباب لزراعة القمح والحبوب وتشارك الأسر في الزراعة والحصاد، ويأخذون نسبة منه لتحويله إلى خبز أو جريش أو برغل، مما يحقق الهدف من الكفاية الغذائية المنزلية والاستغناء عن المستورد ويتم توزيع المحصول النهائي بين المشاركين/ات بعد خصم 10 % زكاة المحصول لتوزيعه على المحتاجين. واهتم صاحب المشروع ربيع زريقات بزراعة الحبوب عندما علم عن واقع الغذاء في الأردن.
باختصار، ان التنمية الزراعية هي «مبدأ أساسي» لتقدم المجتمعات، ومرتبطة بإقامة السلام بين الدول. ويجب إيلاء «اهتمام خاص» بالتنمية الزراعية . لان مهمة بناء نظام اجتماعي واقتصادي جديد يرتبط بإعادة تصميم الزراعة لضمان الجدوى الاقتصادية للمنتجين في المجتمعات التي تعتمد على الذات. والسؤال هو كيف يمكننا المساعدة في هذا التحول؟ قد يكون أولا من خلال الأفكار والمبادرات المجتمعية والتي ستساهم في تغيير ثقافتنا، والاهتمام الكامل بما نقوم به عندما نشارك فضل الأرض علينا والعمل بالأرض. والأهم لا يمكن تنفيذ مهمة التنمية الزراعية بمعزل عن عملية التطور الإخلاقي المجتمعي.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :