-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 21-03-2022 09:11 AM     عدد المشاهدات 192    | عدد التعليقات 0

في يوم الأم .. نساء أرامل نذرن حياتهن لأجل مستقبل الأبناء

الهاشمية نيوز - أمل جديد منحته السبعينية أمل لأولادها الثمانية قبل أربعة عقود ونيف بعد وفاة والدهم وهم أطفال صغار لم يتجاوز أكبرهم خمسة عشر عاما.
على قدر شدة ألم الفقد كان إصرار أمل جنيدي على البقاء مع أطفالها، نذرت حياتها لأجلهم فكانت الأم والأب والمعلمة والصديقة وكانت وما تزال المدافع والملجأ الآمن لهم حتى بعد أن أصبحوا كبارا ومستقلين في حياتهم.
كانت سنين عجافا وقاسية وكلما مرت الأيام زاد الوجع وألم والفقد؛ هكذا عبرت الجنيدي، إلا أن وجود أبنائها في حياتها نعمة من نعم الله عليها، والسبب وراء إصرارها على البقاء والعيش لحمايتهم وتأمين حياة كريمة لهم.
بدأت الجنيدي أولى خطوات التضحية بعد أن أخذت قرار البقاء في منزلها ومع أطفالها ورفضها لأي حلول قدمت لها لتسهيل حياتها ما لم يكن أبناؤها داخل تلك الحسابات، معلنة أنها وهبت حياتها وأيامها فقط من أجل أبنائها.
واجهت الجنيدي اللحظات الصعبة بقوة حبها لأبنائها، وبدأت تتغلب على الظروف الصعبة بالعمل ليلا ونهارا لتأمين حياة كريمة لأبنائها، فامتهنت الخياطة وبدأت مشوارها بماكينة وضعتها في غرفة الجلوس بجانب أبنائها حتى لا تنشغل عنهم.
تقول؛ “كانت أياما صعبة وسنوات ثقيلة.. كان حزننا يتجدد في البيت وكنت بحس إني بكبر قبل أواني”، مشيرة إلى أن تربية ثمانية أطفال لم يكن بالأمر السهل دراسة واهتمام ورعاية.
بالإبرة والخيط، تمكنت الجنيدي من تعليم أبنائها والوقوف إلى جانبهم إلى أن اشتد عودهم، وأصبح الكبير يدرس الصغير، وتخرج معظمهم من الجامعة وحصلوا على وظائف وكانوا جميعا برفقتها دوما.
“ربيتهم كل شبر بنذر وشاب شعري لحد ما شفتهم بهاد العمر وفاتحين بيوت”، وفي كل مرة يحتفلون بها في عيد الأم، تعود سنين حياتها كشريط فيديو، وتنهمر دموعها رغما عنها فرحة بنجاحهم وكيف وصلوا إلى بر الأمان.
الجنيدي، واحدة من عشرات القصص لأمهات أرامل نذرن حياتهن في تربية أبنائهن وسطرن التضحيات، حيث وصلت نسبة الأرامل في الأردن حتى نهاية العام 2019 بحسب تقرير دائرة الإحصاءات العامة إلى 252 ألف سيدة أرملة.
الثلاثينية إسراء هي الأخرى رغم فاجعتها بفقدان زوجها؛ تمسكت بالعيش من أجل أبنائها وكان أملها الوحيد هو تجاوز كل تلك الآلام والمصاعب وتأمين مستقبل مشرق وحياة كريمة لأطفالها الثلاثة بعد غياب والدهم.
عاشت إسراء حياتها متشبثة بأملها الذي منحها القوة، وتسلحت بالصبر بدلا من الألم الذي قاسته بعد رحيل زوجها.
وتبين أن مستقبل أبنائها هو هدفها في الحياة، بالرغم من كل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، حاولت أن تظل صامدة.
إسراء واجهت ظروفا معيشية صعبة بعد وفاة زوجها، فالراتب المتاح كان قليلا مقسما عليها وعلى أطفالها في ذلك الوقت، لم تستطع الخروج والبحث عن وظيفة لتحيا حياة كريمة وأبناؤها ففي كل مرة تتعرض لانتقاد “باعتبارها أرملة وأم لأطفال صغار”، حتى فكرت في أن تعمل بالصوف وحياكة الملابس والقفازات وبيعهم، وأحيانا أخرى كانت تحضر بعض أطباق الحلو وتقوم ببيعها وهكذا مرت بها السنون بين يوم جميل وعشرة أيام مضنية إلى أن أصبح الأطفال شبابا ودخلوا الجامعة.
تقول “أشعر بفرح كبير عندما يناديني الناس أم المحامي أو أم الدكتور كأنني أنا التي أخذت الشهادة”، شاكرة الله الذي عوض سنين عمري خيرا بأبنائي.
وفي إحدى قرى الجنوب أصبحت الحاجة عليا نموذجا يضرب به المثل بعد ان أفنت حياتها بتربية أبنائها وتغلبت على الفقر والعوز في وقت كانت الحياة فيها صعبة بكافة تفاصيلها.
“كنا ننام أحيانا دون عشاء ولكن رحمة ربنا أحسن من كل شيء”، تفاصيل ما تزال عالقة في أذهان الحاجة عليا وتعود إلى ذاكرتها باستمرار ولعل تجاعيد وجهها وخشونة يديها تروي ما يكفي من متاعب الحياة والايام التي مرت بها هي وعائلتها.
اختصرت الحاجة عليا كل تلك التفاصيل المؤلمة لحظة تخرج ابنها الاكبر من الجامعة، معتبرة ذلك اليوم بداية حصاد سنين عمرها التي أمضتها بالعمل والتربية وحماية أبنائها. “رحمة ربنا ثم براسين من الغنم تجاوزت الحاجة عليا تلك السنين”، فبدأت بتربية الأغنام والاستفادة من الحليب وصناعة الألبان والأجبان وبيعها وفي الوقت ذاته لإطعام أبنائها حتى لا يحتاجون أحدا.
من جهتها أشارت دائرة الإحصاءات العامة إلى ارتفاع نسبة الأسر التي ترأسها النساء في العام 2019 لتصل الى 14.1 % حيث يرأسن 308.739 ألف أسرة من أصل 2.190 مليون أسرة في الأردن، وذلك وفقاً للأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة حتى نهاية العام 2019.
من جهته يعتبر التربوي الدكتور عايش النوايسة أن النساء اللواتي فقدن أزواجهن وهن ما يزلن في عمر صغير، قدمن تضحيات كبيرة، فعاطفة الامومة غالبا ما تتغلب على كل ما يتعلق بقضايا الإنسان الخاصة.
ويشير النوايسة إلى الكثير من النساء اللواتي ضحين بحياتهن الخاصة بعد وفاة أزواجهن وأخذن على عاتقهن تربية الأبناء وتقديم الرعاية وتعويضهن عن فقدان الأب. ويشير النوايسة إلى أن الكثير من نماذج النساء في المجتمع الأردني يشكلن قصص نجاح في صمودهن ومواجهتهن المتاعب من أجل الاسرة وتربية الأبناء بمفردهن.
الجانب الآخر وهو الذي يتعلق بطريقة التفكير والنمطية في الحياة بحسب النوايسة، فالزوجة بطبيعتها لا تتخيل نفسها هي وأبناءها في حياة أخرى، وبالتالي همها في الدرجة الأولى تربية أبنائها ووصولهم إلى أعلى درجات العلم وفي كثير من الأحيان هذا التفكير يكون على حساب حاجاتها وعلاقاتها الاجتماعية.
ارتباط المرأة بالتضحية وفق النوايسة، نجده كبيرا في المجتمعات العربية، فهذه النماذج تشكل القدوة دائما وأبدا.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :