ما أهمية البحر الأسود للأسواق العالمية؟

الهاشمية نيوز - مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، جذب البحر الأسود الذي يعتبر شرياناً رئيساً لحركة السلع عند مفترق طرق أوروبا وآسيا، انتباه العالم بسبب أهميته الاستراتيجية.

وتطل 6 دول على البحر الأسود (أوكرانيا وروسيا وجورجيا وتركيا وبلغاريا ورومانيا)، إلّا أنه يمثل أهمية بالغة للعديد من البلدان الأخرى وراء حدودها، بسبب تجارة الطاقة والصلب والمنتجات الزراعية.

وتمر منتجات النفط الخام والمكرر من روسيا وأذربيجان وكازاخستان عبر موانئ التصدير على الحافة الشرقية للبحر الأسود، وفي الغرب تقع دول تعتمد على سفن نقل النفط الخام لتلبية احتياجاتها من الطاقة.

وتوفر المنطقة، التي تُعرف بأنها إحدى سلال الخبز في العالم، عشرات الملايين من الأطنان من الحبوب والزيوت النباتية سنوياً من موانئها، فيما تعد أوكرانيا مصدراً مهماً للصلب بالنسبة لأوروبا، بحسب تقرير لوكالة "بلومبرغ".



صادرات الخام
ويُصدر النفط الخام من 3 موانئ نفطية رئيسة، على طول الساحل الشرقي للبحر الأسود في روسيا وجورجيا.

ومعظم النفط الخام المعرض للخطر من انقطاع الشحنات من هذه المنشآت لا يأتي من روسيا، لكن من مناطق أخرى، والمصدرين في كازاخستان، الأكثر عرضة للخسارة جراء أي تعطيل لحركة ناقلات النفط في البحر الأسود، وفق التقرير.

وتقع محطة "اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين" إلى الشمال مباشرة من ميناء نوفوروسيسك الروسي، وتتعامل مع نحو 1.3 مليون برميل يومياً من النفط الخام، الذي يُجرى نقله عبر خط أنابيب من كازاخستان.

وتتعامل محطة نفط نوفوروسيسك مع نحو 400 ألف برميل يومياً من الخام الروسي، يتم تصديرها من خام الأورال والخام السيبيري الخفيف، إذ يمثل خام الأورال نحو 3 أرباع الحجم الإجمالي.

وميناء سوبسا، الواقع في أقصى جنوب غرب جورجيا، هو نقطة النهاية لخط أنابيب ينقل النفط الخام من أذربيجان.

وفي عام 2021 نقل خط الأنابيب نحو 31 مليون برميل، أي ما يعادل 85 ألف برميل يومياً، من النفط الخام، وفقاً لنتائج شركة "بريتيش بتروليوم".

لكن ما يقرب من 90٪ من صادرات النفط الخام للمشروع، يتم نقلها عبر الأنابيب إلى محطة تصدير على ساحل البحر المتوسط في تركيا.

غير أن نسبة صغيرة من صادرات الخام الآذرية، بمتوسط 1.5 مليون برميل شهرياً، يجري تحميلها في الغالب في ميناء سوبسا وتشحن إلى أوكرانيا، إذ تفرغ الشحنات إما في أوديسا أو بيفديني، حيث يمر خط أنابيب عبر أوكرانيا ليرتبط بالجزء الجنوبي من خط أنابيب دروجبا من روسيا.


واردات النفط
وتستورد كل من رومانيا وبلغاريا النفط الخام عبر موانئ على سواحلهما على البحر الأسود. وينقل نحو 200 ألف برميل يومياً من الشرق إلى الغرب عبر البحر الأسود، بينما يجري استيراد كميات إضافية عبر مضيق البوسفور من البحر الأبيض المتوسط.

ولفتت "بلومبرغ" إلى وجود حركة تجارة منتظمة لخام الأورال من نوفوروسيسك، إلى المصفاة في بورجاس في بلغاريا التي تتلقى أيضاً شحنات متقطعة من خام سيبيريا الخفيف، ونفط بحر قزوين.

وتستورد رومانيا شحنات ثابتة من خام الأورال والخام السيبيري الخفيف، بالإضافة إلى شحنات متقطعة من نفط بحر قزوين، وتتم معالجة الخام إما في المصفاة الساحلية في ميديا، أو شحنها على امتداد خطوط الأنابيب إلى المصانع الداخلية من كونستانتا.



المنتجات المكررة
وتصدر المنتجات النفطية المكررة من محطات على امتداد الشاطئ الشرقي للبحر الأسود، وينقل خط أنابيب من مصافي التكرير على نهر الفولجا زيت الغاز الروسي إلى نوفوروسيسك للتصدير.

ويتعامل الميناء أيضاً مع صادرات الوقود النفطي ومادة النفتا، وإلى الجنوب، يشحن ميناء توابسي الروسي المنتجات المكررة، بما في ذلك شحنات زيت الغاز والوقود النفطي ومادة النفتا وزيت الديزل البحري.

وتدير روسيا أيضاً عدداً من موانئ المنتجات النفطية الأصغر في الشمال، وتشمل تامان وكافكاز، وكلاهما يقع قرب مضيق كيرتش الذي يربط البحر الأسود ببحر آزوف.
ويتعامل ميناء تامان مع زيت الوقود وزيت الغاز المفرغ بالهواء، وشحنات غاز البترول المسال، وكذلك الزيوت النباتية والحبوب والأسمدة والكبريت، وهناك شحنات متفرقة من المنتجات المكررة من ميناء كافكاز، كما تشحن العديد من المحطات الصغيرة على بحر آزوف أيضاً المنتجات المكررة.

في جورجيا، تمتلك شركة "سوكار" المملوكة لأذربيجان محطة في كوليفي تشحن منها مجموعة من المنتجات المكررة، تشمل وقود الديزل وزيوت الوقود الثقيل التي تنقل عن طريق السكك الحديدية، وتشحن المنتجات المكررة أيضاً من باتومي الواقعة جنوباً في جورجيا.

كذلك، فإن مصافي التكرير الساحلية في بلغاريا ورومانيا تغذي شركات شحن المنتجات المكررة.



المنتجات الزراعية
وتمثل أوكرانيا وروسيا معاً أكثر من ربع صادرات القمح العالمية، وما يقرب من خُمس تجارة الذرة والجزء الأكبر من زيت عباد الشمس، وأصبحت رومانيا وبلغاريا المجاورتان أيضاً جهات شحن بارزة للمحاصيل إلى حد كبير، فيما ساعدت التربة الخصبة والغنية أوكرانيا على أن تصبح ثاني أكبر مصدر للحبوب.

وتنقل هذه المنتجات عن طريق الشاحنات والسكك الحديدية ومراكب نقل البضائع إلى الموانئ، لشحنها إلى آسيا وإفريقيا والاتحاد الأوروبي.

ووفقاً لبيانات شركة التحليلات الأوكرانية "أوكر أجرو كونسلت" (UkrAgroConsult)، فإن موانئ أوكرانيا الجنوبية الغربية، مثل أوديسا، وبيفديني، وميكولايف، وتشورنومورسك، تتعامل مع ما يقرب من 80٪ من صادراتها من الحبوب.

لكن الشحنات بدأت تتوقف الآن، مع إغلاق الموانئ الأوكرانية وتوقف صفقات الحبوب الروسية مؤقتاً، وتسبب تعليق عمليات الشحن من بحر آزوف، الخميس، في احتجاز أكثر من 150 سفينة، بحسب اتحاد التصدير.

وتقدر شركة الاستشارات الزاعية الروسية "سوف إيكون" (SovEcon)، أن البلدين لديهما نحو 13.5 مليون طن من القمح، و16 مليون طن من الذرة مجهزة للشحن هذا الموسم.

في غضون ذلك، يفكر مشترون مثل إندونيسيا وتونس بالفعل في مصادر بديلة مثل أوروجواي والهند، بالإضافة إلى دول أوروبية أخرى.


الحديد والصلب
ويشكّل الصلب الأوكراني نحو عُشر واردات أوروبا، لذا فإن أي تعطيل للمصانع أو الشحنات من شأنه أن يضغط على السوق المتوترة بالفعل في القارة، ويساعد في إبقاء الأسعار مرتفعة بعد أن وصلت إلى مستوى قياسي العام الماضي.

ومن بين المنتجين الرئيسيين في أوكرانيا شركة "ميت إنفست" (Metinvest)، التي تمتلك منشآت في قلب المنطقة الصناعية في الشرق، ويشمل ذلك مواقع على ضفاف نهر دنيبر ومصنعين رئيسيين في ماريوبول.

وتمتلك شركة "أرسيرول ميتال" (ArcelorMittal) الأوروبية للصناعات الثقيلة أكبر مصنع في أوكرانيا، في وسط مدينة كريفي ريه، وتعد شركة "فيريكسبو" (Ferrexpo) ثالث أكبر شركة في العالم لتصنيع كريات خام الحديد، وهو منتج عالي الجودة يستخدم في صناعة الصلب، وجميع عملياتها في أوكرانيا.

وشركة "إنتربايب" (Interpipe) لصناعة الأنابيب غير الملحومة لديها أيضاً مصنع في الشرق الأوكراني، كما تدير شركة "يونايتد روسال إنترناشونال (United Co. Rusal International) مصنعاً للألومينا في ميكولايف على الساحل الجنوبي للبلاد، افتتح عام 1980، وتبلغ طاقته الإنتاجية 1.7 مليون طن، وفقاً لموقعها على الإنترنت.