-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 17-02-2022 09:39 AM     عدد المشاهدات 278    | عدد التعليقات 0

إلى الأمام در

الهاشمية نيوز -
يوسف غيشان

حسب الإلياذة والأوديسة لهوميروس، فإن اينياس الطروادي سافر من طروادة بعد سقوطها، وبنى عدة نسخ من مدينته المدمرة في طريقه إلى الأرض الجديدة التي وعدته بها الآلهة. غير أنه تغلب أخيرا على شعوره بالحنين الى الماضي، واستوعب أن المستقبل لا يمكن فهمه ببساطه، بإعتباره مرآة للماضي.

وبعده بحوالي 3 الاف عام قال ماركس ساخرا، بأن التاريخ يعيد نفسه مرتين: الأولى على شكل ملهاة والثانية على شكل ملهاة، وهو هنا يسخر من إمكانية إعادة عجلة التاريخ في الأصل.

يقول المثل الأسكتلندي: «حذاء الشيطان لا يصدر صريرا» والمقصود هنا أن الشيطان (بمفهومه الرمزي) يتسلل خلسة إلى ارواحنا، دون أن نحس به، ونتحول خداما له، دون أن نشعر أو ندري، أما إذا عرفنا ودرينا فالمصيبة أعظم.

عبارة أخرى تتكرر كثيرا بأشكال متقاربة تقول بأن طريق جهنم معبّدة بأجساد-أو أرواح – ذوي النوايا الطيبة. والذي يهمني هنا هم ذوي النوايا الطيبة فقط، الذين ينوون العودة بنا إلى الماضي، لنعود إلى المجد والسؤدد والإمبراطورية العربية التي تتحكم بالعالم وتفرض عليه الجزية، وليس العكس ...وهذا غير ممكن، لا بل مستحيل.

استدرك هنا، ليس المستحيل أن نعود ونشكّل إمبراطورية عالمية كبرى تعيد هيبتنا وتفرضها، لكن المستحيل أن نعود بذات الطريقة السابقة، فالتاريخ لا يعيد نفسه، كما أسلفنا، ولم تعد حتى الان (وفي المستقبل) أيه امبرطورية بطريقتها القديمة.

لا الفراعنة ولا الكلدانيون ولا الأشوريون ولا اليونان ولا الرومان ولا المغول ولا البريطانيون.... لن يعودوا، فما فات مات، وكان نتاج ظروفه الاجتماعية والتاريخية التي من المستحيل أن تتكرر بذات الهيئة، في زمان مختلف. فأنت لا تجري في مياه النهر الواحد مرتين ، لأن مياها جديدة تجري بإستمرار، قالها فيلسوف عظيم قبل قرون.

الظروف التي تحول البيضة إلى كتكوت، لا يمكن عكسها وإعادة تحويل الكتكوت إلى بيضة، على رأي ماو تسي تونغ. لن يحصل ذلك قط، لكننا لحين ندرك ذلك سنكون قد عبّدنا طريق جهنم ملايين المرات.

أذا رغبنا أن نعيش حياتنا بحرية وكرامة، وألا نموت بلا جدوى. وإذا رغبنا بأن لا نقاتل الآخرين-ونقتلهم ويقتلوننا-لأنهم يختلفون عنا، وإذا أردنا أن نكون معول بناء لا أداة هدم.

إذا أردنا ذلك، فعلينا أن ننظر إلى الماضي بحب ونتعلم منه.ثم نكسر مرآتنا ونمشي إلى الأمام.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :