-

كتابنا

تاريخ النشر - 28-01-2022 10:31 AM     عدد المشاهدات 316    | عدد التعليقات 0

الجنية الحكيمة

الهاشمية نيوز - عنان محروس

أخبرتني حكايتها، بعد أن تآزرتُ مع ظلّها، لإرغامِها على الاعتراف، وقالت:

منذُ طفولتي، حلّقت معي جنيّة لطيفة، لمساعدتي في تحقيق رغباتي، فقط أغمضُ عينًا واحدةً، لأجدَ حُلمي وما صَبوتُ إليه، متأرجحًا بين الواقع والخيال، المفارقة العجيبة بعد أن كبرت، الكثير ممن حولي يجزمون بوجود جينات وراثيّة انتقلت منّها لمنظومتي الروحانية، ربما هي ميّزة أقرب منها إلى تهمة.

أشرتُ لها بإصبع اتهام، لتتابع قصتها الغريبة، لكنها تجاهلتني قائلةً:

في الحقيقة، لم أقترف شيئًا، سوى أنني أثبُ بقفزة واحدة، عبر جدران المشاعر الصلبة لمن حولي، مخترقة لها بسرعة الضوء، مهما تغلفت بألوانٍ زاهيّة، لألتقي وجهًا لوجه بالواقع العاري، حتى من ورقة التوت، وأتغافلُ طَمَعًا بثواب الستر، وأجر الصبر.

تكمن موهبتي في سردٍ مسبق، لما قد يتفوهون به من كلمات، كما أفصحُ عن خبايا تصرفاتهم، وكأنني قارئة جيدة لسلوك أفكارهم، وأسمع « نوتات» مابين غمغمات الحروف، عندما تحدثني نغمة ضمائرهم، فأقف على حافة ألسنتهم، وأتعثر بكمٍ هائلٍ من الحقيقة المخبأة بين المراوغة والمجاملة، أستخدمها كأريكة تسندُ أصابعي، ثم أنثرها بعصا سحرية، كشعاع من حرير ليّن، فيفغرُ فم الأسماعِ فارهًا، لإفشاءِ بنات أفكارهم بالأسرار

تعجبتُ من اعترافاتها، واتهمها ظلّها بالزندقة والاختلاق، وتضخيم الأمور، تجاهلتنا وأكملت:

لا أخفيكم! تحققت رؤياي وأيضًا كوابيسي مرات عديدة، وربمّا أنصّتُ إلى صوت اعتراض ليمونة ممتعضة، من مزج عصيرها بالزيت، رغم رؤيتي لهما بأم عيني يمرحان ببهجة في صحن سلطة، اختلط فيها الحابل بالنابل، وكثيرًا ما فاجأتني جلجلة عويل قرعٍ مر، متنكر بقطعة حلوى، أبتلعها بعد تغليفها «بفولتات « إحسان، منعًا من تلف خلايا إنسانية.

قرّرنا الهروب من صدمات ترّهاتها، لكنّها أوقفتنا وقد علا صوتها:

آه نسيت! أمتلكُ أيضًا عصا سحرية بلونين، الأحمر لأحوّل المرائيين إلى مسوخ، واللون الأخضر لأمدّهم بشعاع محبة وأمنيات، علّ الخير يقطعُ دابر القلوب الشرسة، بالمناسبة، لم أستخدم اللون الأحمر إلا نادرًا، فلنقل مرة أو مرتين، انتهجتُ غالبًا الأخضر بساطًا سندباديًا في حياتي

صمتتْ محدقة في مقلتيّ، فنفذت إلى روحي، ثم ابتعدت، توجستُ منها خيفةً، وتراجع ظلّها عن جميع التهم، متقهقرًا على دروب مضلّلة، ومازالت الحيرة تتملّكنا، هل هي صادقة، جنيّة الخير؟




وسوم: #الجنية


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :