زهرة دحنون

الهاشمية نيوز -
عامر طهبوب

ليتني أعود شاباً يا محمد، أطلِّق الورق، والأوراق، والأحبار، والأشعار، والأحلام، والأرق، وأنضم إلى صفوفكم، جندياً يتحلى بالشرف، أن يكون رفاقي في الحياة رفاق السلاح، وأن لا تعنيني حياة الترف، ليتني أصحو بينكم عند الفجر في ساعة «حي على الفلاح»، أصلي الصبح على سجادة من تراب الأرض، أضع جبهتي بين شقيقة نعمان وشقيقتها.

ليتني يا محمد أعود جندياً في حرس الحدود، قوي الزنود، شديد البأس، أودع العنود، أعانق أمي، تقبلني من وجنتي، وأقبل أنا رأسها والخدود، ليتني أودع الدار، والجارة والجار، أحمل بيدي ورقة غار، وأبي يلوح لي بيديه: كن رجلاً يا بني، انظر إلى السماء، وأبعد عن أهلك البلاء. ليتني يا محمد ياسين موسى الخضيرات كنت مكانك، على الواجهة الشمالية الشرقية، ليتني كنت في مثل جمالك.

شهداء الجيش العربي، الله عليكم، ما أرفع قاماتكم، ما أعلى منازلكم، ما أزهى جباهكم، نحن أصحاب الكلام، كلام في كلام، نحن اللغو، وأنتم الفعل، نحن أصحاب الحبر، وأنتم الأحبار، والأخيار، والأبرار، وأنتم الشهداء، وأنتم الألف واللام، تضحون بدمائكم على حدود الشام، وتوئدوا الإجرام، وأنتم يا محمد - وأشهد الله - خير من أنجبت الأرحام.

ما أجمل أثواب النصر التي تطرزونها بأحمر قانٍ، وأنتم الأحياء، والحي غيركم فانٍ، سقطت دماؤكم في باب الواد، وفي اللطرون، وعلى أسوار القدس، وفي السموع، والشيخ جراح، وفي الكرامة، وفي جنين ونابلس، وفي اليامون، وتحت شجر الدفلى، وفي ظلال القطمون وشجر الزيتون والليمون، وفي سهول نبتت فيها أزهار الدحنون، شقائق النعمان حيث تكون، وحيث يكون، شهداء تعرفون معنى الانتماء، ومعنى الولاء، ومعنى الرجولة والإباء، إخوة في الدم أنتم، تعرفون قيم الأخوة والإخاء. النصر أو الشهادة، لا ثالث عندكم، لكن الله فوقكم، يظللكم، يفتح لكم أبواب جناته، وتحل عليكم رحماته وبركاته. عليك رحمة الله يا أخي، نجمة في سماء بلادك، وحفظ الله الوطن.