تاريخ النشر - 12-01-2022 09:37 AM عدد المشاهدات 163 | عدد التعليقات 0
إيمان

الهاشمية -
كامل الشريف
الإيمان كلمة جذرها في اللغة العربية أمن، أما واقعها فإن الإيمان يؤدي للأمن أمام الكون المجهول المفعم بكل الاحتمالات.
في القرآن الكريم مواقف كثيرة تجتمع فيها الكلمتان بوضوح كقوله تعالى مثلاً « الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَ?ئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ «.
أو القول الذي يصوّر الخليفة العادل عمر «عدلت فأمنت فنمت».
هذا في الدنيا، أما في الآخرة، فلا يء يقي من الأهوال سوى الإيمان.
يقذف المجهول نوازله كالحمم فيلوذ المؤمن بإيمانه، كأنه يلود بجبل منيع، حين يذوب غيره أمام النوازل، وتنهار الأرض تحت قدميه.
المؤمن ينطلق من شعاب الجبل الشامخ بأمل جديد، حين يستسلم غيره لليأس وينهار تحت ثقل النازلة.
كما يقول شاعر النيل:
لم يبق شيء من الدنيا بأيدينا إلا بقيّة دمع في مأقينا!
الإيمان يرفض اليأس ويتحداه، ويجد لذة في مقاومته، كما يقول القرآن الكريم: « إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ «.
المؤمن يضعه إيمانه أمام روح الله، فيجد الراحة والأمل والقوة. لقد وصل نفسه بمصدر الأمل والقوة، وأصبح بوسعه أن يسير رافع الرأس ثابت الأقدام.
الأعداء يشنون حرباً شاملة على الإسلام من كل اتجاه، والمسلمون أمامهم صنفان، صنف يلوذ بإيمانه، ويستمد منه العزم والثبات، وصنف يقارن ويوازن، ويرى قوّة العدو وطغيانه، فينهار وينشد السلامة.
أمام هذه الحملة الظالمة، لو لم تفعل شيئاً سوى أن تشحذ إيمانك، وتثير هذه الروح بين أسرتك ومعارفك لفعلت الكثير.
سوف تمر الزوبعة كما مر غيرها في تاريخنا الطويل، وتشرق الشمس، ويصبح الظالمون في خبر كان.
عندها سنجد أن هذا الإيمان هو أقوى الأسلحة وأمضاها.
مكة المكرمة، اغسطس 1990