-

كتابنا

تاريخ النشر - 15-11-2021 10:36 AM     عدد المشاهدات 213    | عدد التعليقات 0

طُلّي بالأبيض

الهاشمية نيوز - فدوى بهجت خصاونة
في تلك اللحظات التي أطلت ابنتها بالفستان الأبيض برفقة زوجها وبيدها باقة الورد وعلى أنغام «طلي بالأبيض يا زهرة تشرين» لم تتمالك أم العروس نفسها فتركت العنان لدموعها تسقط بغزارة، دموع لا يمكن احتباسها في محجر ضيق، لحظات حادة ومشاعر جياشة تحاول الأم إخفاءها، أكوام من العواطف تتراكم كلها في قلبها؛ عاطفة الحب، عاطفة الحزن على فراق ابنتها، عاطفة الفرح لزواج صديقتها المدللة، ومع كل لحن يتبادر إلى نفسها ذكرى تزيد من توترها والضغط على شعور الأمومة بداخلها.
وتنتهي الحفلة ويقود العريس عروسته ويستقلان سيارة مزينة بالورود، وتلوح العروس لأهلها بكلتا يديها، وتغيب إلى حياة أخرى وبيت آخر وناس آخرين هكذا تصف الجدات الزواج :مثل البطيخة لا نعلم ما بداخلها، هو عالم وحياة لا يعلمها أحد ولا يمكننا التنبؤ بحقيقة الناس؛ فالزوج سيقابل عائلة الزوجة وهو غير ملزم بالعيش معهم؛ أما الزوجة فستعيش مع عائلة الزوج وهي ملزمة بالعيش والتعامل معهم بشكل يومي.
تراقب الأم موكب العرسان فتقترب الأم من العريس توصيه تحمّله أمانة العناية والحرص على ابنتها، تقول : إنها أمانة في عنقك أكرمها، احفظها.
وتمضي خلفه، إنه موكب البعد، موكب انفصال الفتاة عن أهلها، موكب سنة الحياة.
تحاول الأم أن تتظاهر بالقوة، ولكنها و بمجرد أن تعود إلى بيتها تكتشف صعوبة الأمر فهي لا تقوى على مواجهة معركتها مع نفسها.
في كل أرجاء البيت تتخيل صوت ابنتها، حركاتها، ملابسها المعلقة، و حتى طعامها المفضل كل ذلك يجدد لديها عواطف الشوق والحنين.
كم بذلت الأم من جهدها وطاقتها في سبيل راحة ابنتها، حملتها بين ذراعيها، لعبت معها عاشت معها، شاركتها كل لحظاتها، سمعت كل أسرارها؛ كل ذلك يجعلها تشعر بالضيق، تود لو ترى طفلتها العروس ولو بالأحلام.
فهل سيكون من السهل التخلص من كل هذه المشاعر؟
وهل من السهل أن تتأقلم الأم وتعتاد على عدم وجود ابنتها؟
وهل من السهل السكون أمام فيض الشعور؟
كل ذلك يجعلنا نتخيل شعور الأم عندما تهان ابنتها، عندما تُضرب، عندما يظلمها زوجها، وماذا يهيأ للزوج عندما يهين زوجته ولا يكرمها؟
لكل ذلك كانت وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: «استوصوا بالنساء خيرا».




وسوم: #طُلّي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :