-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 03-11-2021 09:18 AM     عدد المشاهدات 251    | عدد التعليقات 0

الاكتئاب في الشتاء .. هل تبدده أشعة الشمس بين الغيوم

الهاشمية نيوز - غيومٌ سوداء تلوح في نوفمبر، ديسمبر، كانون الأول ويناير، العتمة الصباحية، أطفال يتثاقلون في الحركة وأهل يستعجلونهم للذهاب إلى المدرسة والروضات قبل الالتحاق بالعمل؛ فالصغار كالكبار يعيشون غياب الشمس هذا العام، فالغيوم الداكنة تحجب الشمس، تزيد من شعور بداية فصل الاكتئاب، عند الثانية بعد الظهر تقريباً، يحلّ المساء مبكراً، مع انتشار ظاهرة إضاءة الشموع، لإشاعة بعض أجواء الدفء والتخلص من الاكتئاب، قد تخفّف قليلاً من جوّ نهاريّ «ركاميّ» أسود الغيوم.
وربما يدفع صوت قطرات المطر المتساقطة على النوافذ الزجاجية في غرفة مظلمة البعض للشعور بالراحة والاسترخاء والرغبة في التأمل، لكنه شعور قد يتحول في لحظةٍ إلى مشاعر مغايرة مخنوقة بالصمت والكآبة والرغبة في الهروب بعيدًا عن أي شكل من أشكال الحياة الاجتماعية؛ بسبب غياب شمس الشتاء، التي تأتي على استحياء في كثير من بلدان العالم، تمامًا مثلما تختفي أضواء السيارات تحت المطر.
في هذا الإطار، تشير دراسة أجراها باحثون بجامعة كوبنهاجن الدنماركية إلى أن الإصابة بـ»الاضطرابات العاطفية الموسمية» في فصل الشتاء، ترتبط بعدم التعرض لـ»ضوء النهار» لفترات طويلة باعتباره من المضادات الطبيعية للاكتئاب التي تمنع «نقص معدلات هرمون السيروتونين في المخ» عن مستواها الطبيعي.
وتوصلت الدراسة إلى أن ضوء النهار يُعَد مضادًّا طبيعيًّا للاكتئاب؛ إذ يؤدي الدور نفسه الذي تقوم به مثبطات استرداد السيروتونين الاختيارية والتي تُستخدم عادةً كمضادات –وكعلاج- للاكتئاب واضطرابات القلق وبعض اضطرابات الشخصية وبعض حالات الأرق.
ويؤدي «السيروتونين» دورًا لا يمكن تجاهله في الشعور بالطمأنينة النفسية، ما دفع العلماء إلى اختراع جيل جديد من الأدوية التي تعمل على رفع مستواه في الدماغ؛ إذ يتسبب حدوث أي خلل في مستواه في الشعور بالتعب والدخول في مشكلات مع الآخرين والشعور بثقل في الذراعين أو الساقين والنوم لفترات طويلة واضطراب الشهية وزيادة الوزن.
اكتئاب الشتاء الموسمي
لجأ الباحثون إلى «اكتئاب الشتاء الموسمي» بوصفه نموذجًا لمعرفة مدى التأثُّر بالاكتئاب الموسمي، مشيرين إلى أن «بعض الناس المهيئين جينيًّا للإصابة بالاكتئاب لديهم مرونة أكثر فيما يتعلق بالقدرة على مقاومته، ما من شأنه أن يساعد على فهم العوامل التي قد تمنع الإصابة به. خضع المتطوعون لنوعين من «مسح الدماغ»، هما: «التصوير المقطعي»، و»التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني»؛ إذ تم إجراء كل فحصٍ منهما مرتين في الشتاء بهدف قياس مستويات «السيروتونين» في الدماغ.
القدرة على التنظيم توصل الباحثون إلى أن بعض الأشخاص الذين يُتوقع إصابتهم بـ»الاضطراب الموسمي العاطفي» بسبب امتلاكهم الجينات المسببة له، تحكموا في كمية نقل «السيروتونين»، ما يعني قدرتهم على تنظيم كميته التي تفرزها أدمغتهم، وبالتالي يجعل التحكم في الاكتئاب أكثر مرونة.
ووجدت الدراسة أن النساء اللاتي لديهن مرونة تساعدهن على التحكم في هذا الاضطراب يعملن على تنظيم «السيروتونين» في الدماغ، بحيث يتم ضخه بشكل أكثر في فصل الشتاء بمعدلات أكبر من الرجال، وهذا يعني أن مستويات السيروتونين بقيت دون تغيُّر خلال الانتقال بين الفصول، وذلك على الرغم من أن الاضطراب العاطفي الموسمي عادةً ما يؤثر على النساء (بصورة عامة) أكثر، مقارنة بالرجال.
وبشكل عام، حافظ الأشخاص الذين يتمتعون بمرونة نفسية وبيولوجية على مستوى «السيروتونين» نفسه عبر الفصول، مما كوَّن لديهم مقاومةً لأعراض المرض.
ومن الأعراض العامة للاكتئاب: الشعور بالكآبة في معظم الوقت خلال اليوم، وبشكلٍ شبه يومي. فقدان الأمل وتهميش الذات. وجود صعوبة في التركيز. تغيّراتٌ مرتبطة بالوزن والشهية. انخفاض طاقة الجسم. فقدان الاهتمام بالأنشطة المفضلة. اضطرابات النوم. الشعور بالهيجان أو الخمول. التفكير المستمر بالموت أو الانتحار.
أعراض الاضطراب العاطفي خلال فصل الشتاء، زيادة الوزن. الإفراط في تناول الطعام. الإفرط في النوم. انخفاض في طاقة الجسم. الانسحاب من المشاركة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة. الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات.
وتوجد عدة إرشادات ونصائح يُمكن اتباعها لمنع الإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي مجدداً، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز هذه النصائح: قضاء بعض الوقت في التنزه خارج المنزل يومياً خلال ساعات النهار حتى لو كان الجو غائماً. ممارسة التمارين الرياضية ثلاث مرات أسبوعياً ولمدة نصف ساعة في كل مرة على الأقل. تناول غذاءٍ صحيًّ ومتوازن يحتوي على المعادن والفيتامينات المهمة التي تزوّد الجسم بالطاقة اللازمة. الحرص على الاندماج بالأنشطة الاجتماعية المختلفة والتواصل مع الآخرين؛ فقد يُوفّر ذلك دعماً نفسياً كبيراً خلال فترة ظهور أعراض الاكتئاب. محاولة استشارة أخصائي نفسي في حال كانت الأعراض شديدة أو مستمرة حتى بعد أخذ العلاج. الاستعانة بصندوق الإضاءة في بداية الخريف وقبل بدء أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي بالظهور؛ إذ يُحاكي هذا الصندوق أشعة الشمس في مبدأ عمله؛ حيث يُثبّط التعرض لإضاءة الصندوق لمدة ثلاثين دقيقة إفراز الجسم الميلاتونين ويُنظم الساعة البيولوجية للجسم، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّه قد وجد أن أفضل وقتٍ لاستخدام هذا الصندوق هو في الصباح الباكر بعد الاستيقاظ من النوم، ومن الجدير بالذكر أنّ الإضاءة المنبعثة من الصندوق تمتاز بكونها أكثر سطوعاً من مصابيح الإضاءة العادية وتتوفر بأطوال موجية مختلفة.
دراسة مقارنة
إلى جانب العوامل الديموغرافية، تشير دراسة بولندية إلى أن الاختلافات الفردية قد تؤدي هي الأخرى دورًا في الإصابة بـالاضطراب العاطفي الموسمي.
طلب الباحثون البولنديون من المشاركين في هذه الدراسة (101 مشارك، 57 سيدةً و44 رجلًا، بمتوسط عمر بلغ 26 عامًا) الإجابة عن استبانة لتقييم الاختلافات التي عانوا منها بسبب تغيُّر فصول السنة، سواء في حالتهم المزاجية أو المؤشرات الرئيسية الأخرى (النوم والنشاط الاجتماعي والوزن والشهية ومستوى الطاقة). كما صنفوا مستويات أدائهم الوظيفي من خلال تتبُّع أنماط الاستيقاظ والنوم المعروفة بـ»السمات الزمانية» ، والتي تقيس مدى حساسية الأشخاص للتغيرات اليومية والسنوية في البيئة الخارجية المرتبطة بتناوب الأرض وحركتها. ثم قاموا بقياس «اكتئاب الشتاء الموسمي» عن طريق فحص 21 من أعراض الاكتئاب الموسمي في 7 أنماط هي «النعاس والشهية والطاقة والرغبة الجنسية والحياة الاجتماعية والتوعُّك العام والحالة المزاجية.
وبصرف النظر عن الاختلافات بين الجنسين التي تتصدى لها أبحاث كثيرة حول «الاضطرابات العاطفية الموسمية»، والتي تشير إلى أن النساء أكثر حساسيةً للإيقاع اليومي والسنوي مقارنةً بالرجال، فقد دعمت النتائج فكرة أن الاختلافات الشخصية تُحدث فرقًا في فهم مَن هم أكثر عرضةً للإصابة بـ»الاضطرابات العاطفية الموسمية.» وأظهرت النتائج وجود علاقة بين العُصابية (Neuroticism) و»الاضطرابات العاطفية الموسمية»؛ إذ إن الأشخاص ذوي الدرجات العصابية الأعلى كانوا أكثر عرضةً للإبلاغ عن تعرضهم لتغيرات خفيفة أو معتدلة في مزاجهم وسلوكهم، وأن المصابين بـ»الاضطرابات العاطفية الموسمية» يُظهرون ميلًا للتأقلم مع معاناتهم من خلال تجنُّب التفاعل مع الآخرين، والإفراط في الأكل أو الهروب إلى مشاهدة التلفاز أو النوم لفترات طويلة، أو الانتقال المؤقت للعيش في مناطق أكثر دفئًا، بصورة أشبه بـالسُّبات الشتوي.
وأوضحت الدراسة أن الأشخاص الذين يعملون بـ»دوام متناوب» بين الليل والنهار بطريقة غير ثابتة يكونون أكثر عرضةً للإصابة بأعراض «الاضطراب العاطفي الموسمي»؛ بسبب عدم حصولهم على الوقت الكافي من الراحة، ما يؤدي إلى حدوث إرباك بين الساعة المتعلقة بالنوم واليقظة والساعة البيولوجية للمرء.
وانتهى الباحثون البولنديون إلى أن الأشخاص ذوي «العصابية العالية» يكونون أكثر عرضةً للإصابة بـ»الاضطرابات العاطفية الموسمية» عند مواجهتهم ظروف الحياة أو التغيرات البيئية الجديدة.ترجمات.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :