-

كتابنا

تاريخ النشر - 30-08-2021 10:51 AM     عدد المشاهدات 274    | عدد التعليقات 0

عودة .. والفاقد ليس أكاديميًا فقط!!

الهاشمية نيوز -
امان السائح

عادت مدارسنا تصدح بأقدام الطلاب الصغيرة والكبيرة.. عادت ساحات المدرسة تزخر بأصوات صرخاتهم ومشاكلهم، وقصصهم التي غابوا عنها لثلاثة فصول، غادروا المدرسة ليكونوا عن بعد بالصف الخامس وعادوها بالسابع، غادروها اطفالا وعادوها مراهقين مبكرين، تغيرت وجوههم وأصواتهم وملامح عقلهم وصوتهم وفكرهم، فأصبحوا أكثر قسوة ربما، وأكثر قلقا، وأبعد عن الاهتمام بالكتاب والورقة والقلم..ليعلنوا أن الفاقد ليس اكاديميا فقط، بل هو فاقد اجتماعي وعاطفي ولغوي وجسدي..
لم تعد اصابعهم تقوى على حمل القلم، وفتح صفحات الكتاب الذي بقي جديدا طيلة الفصول الثلاثة، أقلامهم لم تبرَ، لم يستخدموا الممحاة، ولا المسطرة، ولم يرتبوا كتبهم لحصص اليوم، لم يعودوا يميزون بين بداية الاسبوع أو نهايته، وبين العطلة الصيفية من الشتوية، وبين السبت والاربعاء..
التواصل مع أصدقائهم بات مبرمجاً، وعبر الساعة، ومن خلال رسائل عبر المجموعات الالكترونية التي تجمعهم، فتراهم معاً سويًا فاقدي القدرة الفعلية على التواصل العاطفي والاجتماعي، والجسدي، مع اقرانهم، عن الفئة العمرية الصغيرة» اتحدث»، وهي التي حملت الوزر الأكبر من الفاقد الشامل وليس الاكاديمي فقط بطبيعة الحال، ومن يتصدر المشهد ليقول غير ذلك، فهو غير المتصالح مع ذاته والذي يرغب بتغطية وجهه خلف اصبعه الصغير..
عادوا ويعودون حتى الأول والثاني من أيلول، ليكملوا مسيرة العودة الكاملة، لينشدوا موطني ويقرأوا القرآن الكريم، ويقفوا بالطابور الصباحي بحالة اضافية من التباعد والالتزام بالقاعدة الصحية، وارتداء الكمامات والوقاية من الاختلاط المباشر، خوفا من العدوى واصابات مدارس لا نعلم كيف سيكون عنوانها، لكن الأساس أنهم عادوا برعاية الرحمن، ورعاية الدولة التي ابقت قرار الوجاهي برسم التنفيذ والاحتياطات التي رسمت لغايات عدم الانحياز وراء التعلم عن بعد، وهو القرار الأشد فتكا بطلبتنا الصغار والكبار أيضا، فهي الحقيقة التي لا حل لها سوى العودة وتعويض لدروس وما فقد من كل شيء في نفوسهم وأرواحهم وقلوبهم وحتى ملامحهم..
المدارس والمعلمون عليهم ادراك الحقيقة بالطبع، وعليهم اعادة البوصلة الى ارواح تلاميذهم، عليهم اعادة الحياة لهم، ورسم صورة مختلفة لغدهم وحاضرهم، ووضع أنفسهم في دائرة الواقع والتصديق أنهم عادوا لزملائهم ومقاعدهم الدراسية، وزيهم المدرسي، وكتبهم واقلامهم.
دعوهم يتحدثوا عن تجربتهم، عن قهرهم الذي عاش فيهم، عن رعب وخوف سكنهم، وعن شوق لحياتهم، دعوهم يصرخوا، يعبروا، يلعبوا بحرية، دون خوف أو قلق، ودون رعب من فيروس، الصحة اساسا لكن ما فقده طلبتنا من كل الاشياء أهم من بروتوكول لا يعيه الطالب، وحتى لا يدركه..
دعوهم يلتزموا دون خوف وتخويف، دعوهم يعيشوا اللحظة، يتصفحوا الكتاب، علموهم أن القلم هو أن يرسموا ارقامهم باليد وليس خلف جهاز حاسوب، وأن الكتاب والدفتر ورق وليس شاشة، اعيدوهم الى اخلاق تكسرت في محراب التنمر الالكتروني..
اعيدوا للطالب ثقته بروحه ونفسه وشخصيته وروحه وملامحه، امنحوه امانا فقده، وصوت مدرس هو قدوة ومثل أعلى..
حكاية طلبتنا خلال كورونا لعينة ستبدأ بخط حروفها في أولى أيام العودة، لكن سطورها الكاملة لن تصل الى أصلها؛ فالوجع والفقد يفوق حد التصديق فلنصنع معا جيلا مختلفا صاحب ارادة ومبدأ.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :