-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 02-07-2021 09:51 AM     عدد المشاهدات 1521    | عدد التعليقات 0

من حديقة الذاكرة .. الورد البلدي

الهاشمية نيوز - لأنه يذكرني بحديقتنا الصغيرة في بيتنا الجميل في مدينة الزرقاء، وزمن الحارة و»تنكات» الزريعة المنتشرة بكل موقع، ورائحة الشتاء، وجمال الربيع برغم صحراوية الزرقاء. لمحات من ذاكرة تطير بنا إلى زمن الطيبين لنرى وفي ثوان معدودة كل ما يمت لذلك الزمن الجميل من جمال البيوت وشوارع وأزقة وبيوت من طين وبائع سمك ينادي سمك يا سمك بيروتي يا سمك من بحر صيدا ياسمك، ومصاطب نعنع وكزبرة وبصل أخضر ورشاد وأشجار التوت وقد استوت ثمارها الحمراء والبيضاء والموشحة، وطيور مهاجرة تمر من سماء حارتنا قاصدة نهر الزرقاء للارتواء ودكاكين و»سحاحير» فاكهة تعلن مواسمها، وغناء من راديو موضوع على حفة شباك ووديع جنات ع مد النظر وصوت هدى السادات وسلوى حداد تقدمان ما يطلبه المستمعون وشمس شتاء دافئة. ذهب زمن الطيبين وبقيت أحلى ذكرياته في خواطرنا تدغدغ مشاعرنا، تضحكنا حيناً وتعصر قلوبنا حيناً حزناً على فراق هذا الزمن الجميل.

روح الماضي تنقلنا إلى زمن العيد والمراجيح، وزمن المدرسة ومحرمة الكروهات القماشية، وزمن الأناشيد وأغاني الطفولة، و زمن الجد ورائحة سواكير التتن وراديو الترانزستر والذي يحمله أينما ذهب، وزمن أغاني توفيق النمري وسلوى وسميرة توفيق وزمن الجدة وهي تفتل اكلة مفتول وتحكي لنا قصة الغولة وجبينة وقصص ابو زيد الهلالي، وزمن مرجيحة تتدلى من أعلى شجرة، وزمن شجرة اللوز وهي تعلن بداية الربيع بأزهارها .. ترى لماذا كل هذا الحنين الشديد لذاك الزمن مع كل ما فيه من فقر وشح في الرواتب والامكانيات، هل هو حب صادق من الأعماق لبيوت الطين والحجر ولزمن الشتوات والثلجات ورائحة هويسة الفريكة والحمص عند الذهاب لمدينة الحصن مدينتي زمن الحصيدة والحصادات وشولات القمح أبو خط أحمر، زمن كنا نظن أن مصفاة البترول بالزرقاء هي نيويورك كما نراها في الأفلام خاصة بالليل وهي تزخر بأضوية عالية ولشجرة التين وقد أعطت أول إنتاجها من ديفورها.

لماذا كل هذا الحنين لذاك الزمان الذي مضى ولن يعود؟. ولماذا نريد أن يعود ولو قليلاً، ولو عاد حقا هل نستطيع أن نعيش بلا نت أو بلا موبايل أو سيارة؟ وهل ممكن أن نستغني عن كل التقنيات الحديثة الموجودة؟ الكل لا يريد العودة للعيش في بيوت الماضي ولن يستبدل المكيف البارد ببطاقة روزانا أو ببئر ماء وجرة ملفوفة بخيش وكيله . الناس بحق يريدون العودة إلى روح تلك الحياة البسيطة البعيدة عن التكلف؛ فالحياة المادية ضيقت عليهم الخناق فجعلتهم لا يفكرون إلا بلغة الأرقام والحسابات والبورصات والبنوك وانتظار الراتب وجهاز ATM وبطاقات الفيزا، يريدون سماع بحة ناي وصوت ربابة ورنة عود وشروقيا وهجيني ويريدون أن يدبكوا دبكة على دلعونا، إنهم بحق يريدون عودة تلك البيوت المشرعة أبوابها حسب قول فيروز البيوت المشرعة والحب راعيها بيوت مفتوحة على مصراعيها من بعد شروق الشمس وتقول يا مرحبا بزوارنا يا مرحبا وكأن المنازل تقول لروادها: (حياكم الله، ويا مرحبا لا تطرقوا جرساً فالبيت بيتكم ..إنهم يريدون بساطة الضيافة والقهوة السادة ولزاقيات وحفنة قلية وبطما وقريشا وثمار فاكهة من أشجار الحاكورة وطلة على مريض بدجاجتين بلديتين و2 كيلو موز ابو نملة و2 كيلو تفاح وناقوط نجاج وهذا من الكرم المعهود. إنهم يريدون عودة للتلفزيون الواحد ابو الخزانة والطقات ولتلفون واحد موضوع في مكان معين في البيت ينشدون الحنين إلى اللمة العائلية حول مسلسل عربي وضحكات حول مسرحية لماري منيب وسهرات بجانب عتبات البيوت وعلى السطوح وفنجان قهوة صباحي تلتم معه الجارات يقمعن البامية وينقبن الملوخية، يريدون عودة لزمان العونة وكلمة حيانة وكسرة خبز لا تزت بل تباس وتوضع في اعلى السور أو في مكان مرتفع هذه اللمات الناس والتي افتقدتها معظم العائلات مع أبنائهم وعائلاتهم .

إنهم يريدون (نوم الأسطح) لأنهم كانوا يرون القمر والنجوم مباشرة ويتكلمون معها ويعدونها ويخافون أن تظهر لهم الثواليل حسب المعتقد وسماع صوت أم كلثوم من راديو الترانزستر .إنهم يريدون التخفيف من غزو الموبايل والأيفون ومن غزوات التكنولوجيا من غزو التواصل الاجتماعي الإلكتروني الذي بات يطاردهم صبحاً ومساء .

إنهم يشتاقون لزمن إذاعة عمان ومع المزارع والبث المباشر ومضافة ابو محمود ولقاء الظهيرة ورسائل شوق ومجلة الأثير لصوت كوثر النشاشيبي في رسائل شوق ومحمود ابو عبيد ونبيلة السلاخ ولتلفزيون قناة «3، 6» وفكر واربح والمصارعة ومنوعات حسيب يوسف والصحة والحياة والأرض الطيبة ومضافة الحاج مازن وتوهان وربابة عبده موسى وابو سرور وأغاني ما قبل الأخبار أنا الأردن،وأردن يا مهد العلا نسبا، وفدوى لعيونك يا أردن، ولأجلك ما نهتم لأجلك أردنا يا غالي، وبيرق الوطن رفرف، وتخسى يا كوبان مأ أنت ولف ألي وغيرها الكثير الكثير ولكل الناس الطيبين.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :