-

كتابنا

تاريخ النشر - 27-12-2020 11:33 AM     عدد المشاهدات 341    | عدد التعليقات 0

ما فاز إلا النوّم

الهاشمية نيوز - فدوى خصاونة

من المدهش أنهم يريدون أن يتدخلوا بالبلابل ويمنعوها عن التغريد، يريدون أن يطفئوا الشمس بالزر الأحمر بأعلى لوحة «الريموت»، يريدون للسماء أن تمطر أو تصحو، يريدون للأسماك أن تعيش دون ماء، والسفينة أن تبحر في الصحراء، يريدون للإنسان أن ينام طويلا، ويصحو دون عمل ولا حتى أمل.

وهكذا تمت العملية بنجاح و استغنى العالم عن الأيدي العاملة؛ فلم يعد بحاجة لمن يحصد أو يزرع أو يحل أو يربط، لم يعد يحتاج لمن يعلِّم أو يتعلم أو يبني أو يهدم.

فقد حانت ساعة الحسم والتخلي وحل «الروبوت» محل الإنسان في كل مكان؛ في البيت في الشارع في المدرسة في المستشفيات في البنوك وفي كل المؤسسات.

ومن هنا ألقي نظرة على وجه الحياة لعشرين سنة قادمة على أكثر تقدير، ما هي تضاريسها وما شكلها؟

وما شكل الإنسان؟

وما دوره؟

باتت الحياة دون روح بل مجرد «روبوت» يتجول في الشوارع، ويعمل في المصانع؛ وفي تلك المحال «روبوت» يجلس واضعا ساقا على ساق، ويتابع البيع والشراء، وفي الجهة المقابلة آخر يحتسي القهوة ويضيف لها بعض السكر.

ويعجبني أكثر ذلك الروبوت وهو يجهز حقيبته للسفر، ويحجز موعدا للطيران، ويصعد الطائرة لرحلة إلى القمر، ويشدني آخر ينثر بذور القمح في المريخ ويستورد الأسمدة ويصدر الثمار.

اليوم أصبح «الروبوت» يحكم الحياة ويقوم بكل المهمات ولم يعد للإنسان أي دور أو قيمة، لم يعد أي معنى لوجوده، فقد أصبحت الآلة خليفة الإنسان على هذه الأرض.

وفجأة يحدث خلل فني طارئ في برمجة «الروبوت» بعد أن تدخلت أصابع الإنسان الجديد في العالم الجديد، وقامت بتحديث بياناته، وإعادة برمجته؛ فاختلفت مهامه واضطرب عمله وانحرف عن الهدف والغاية من تفعيله.

وأثناء نوم البشر في العسل لم يعد بمقدورهم السيطرة على حركته، فتخبط «الروبوت» وغير مسيره وبدأ يلف ويدور، يجيء ويروح؛ ليبدو وكأنه مضطربا متخلخلا، رافضا لوجود الإنسان وبقائه.

وجاء اليوم الموعود وانقلب السحر على الساحر «وما أوتيتم من العلم إلا قليلا» وهذا القليل من العلم سخره المترفون ففسقوا وطغوا: حتى وكأني بجيشٍ وكتائب من «الروبوتات» تسقط من السماء كسفا وتأتي على البشر وتقضي عليهم وتدوسهم في مضاجعهم وهم نيام دون أدنى مقاومة.

ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوّم.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :