-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 23-12-2020 12:08 PM     عدد المشاهدات 375    | عدد التعليقات 0

فسيلة الإيجابية والأمل

الهاشمية نيوز -
د.حسان ابوعرقوب

تتجمّع المصائب والهموم على الإنسان دفعة واحدة، وتنزل على رأسه كالصواعق المحرقة، حتى تضيق به الدنيا بما رحبت، وتشَلّ عملية التفكير عنده، ويجلس مُحبطا لا يحرّك ساكنا، مستسلما لسلاح المصائب رافعا يديه أمام قهر الهموم.
وإذا راجعنا أنفسنا نجد أنّنا جميعا كبشر نبتلى بمثل هذه الظروف والأحوال، لكننا نختلف عن بعضنا بقوّة الصمود والدّفاع عن النفس والمغالبة، فمنا من يستطيع المقاومة حتى تمرّ عاصفة المصائب ويخرج منها بأقلّ الخسائر، ومنا من تحمله رياح الهموم لتلقي به في واد سحيق من الاكتئاب والإحباط وربّما وصل البعض بتفكيره إلى الانسحاب من هذه الحياة القاسية طواعية وباختياره.
وما يُقال في حقّ الفرد يقال في حقّ الأمة، فهمومها كثيرة، ومصائبها جليلة، ونكساتها لا تُعدّ ولا تحصى، والمتأمّل في أحوالها سيرى كابوس الاكتئاب والإحباط بلا شك، حيث يتكلّم العالم عن غزو الفضاء، ولا زلنا نرجو من الإخوة الذكور ألا يحرموا أخواتهم من ميراثهم في الأرض والميراث، وشتّان شتّان بين عقول تحلّق في الفضاء وعقول لا زالت تبحث في رمال الأرض.
وعندما يحطّ الفكر في هذه الأهوال، وأسأل نفسي: ماذا يستطيع أحدنا أن يفعل لينهض بأمته، وما قيمة ما سيقدّمه؟ يلوح مباشرة كلام سيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: « إن قامت على أحدكم القيامة، وفي يده فسيلة فليغرسها « والفسيلة هي النخلة الصغيرة، ما قيمة هذه النخلة الصغيرة عند قيام الساعة، ولماذا أغرسها في هذا الوقت، مع علمي اليقيني أنّني لن أستظلّ بظلها ولن آكل من ثمرها فنحن على عتبات الساعة؟ الجواب: إنها الإيجابية، فكّر بإيجابية، واعمل بإيجابية، والسؤال: ماذا يخسر الإنسان لو زرع النخلة الصغيرة وهو على عتبات القيامة؟ لا شيء يخسره، لكنه تمتع بروح العطاء والعمل حتى النفس الأخير.
كلّ ما نقوم به قد لا نجني ثماره، ولكنه لبنة في بناء عظيم قد يدرك تمامه أبناؤنا أو أحفادنا، فلا بدّ من وضع اللبنات لهذا البناء، وعلينا ألا نسأل أنفسنا هل سنستفيد من هذا البناء والعطاء؟ يكفي أنّ أحدا سيستفيد منه من بعدنا، فعلينا أن نعلي روح الإيجابية بيننا، وأن نزرع للأجيال القادمة، والله ولي التوفيق.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :