-

كتابنا

تاريخ النشر - 20-12-2020 01:15 PM     عدد المشاهدات 362    | عدد التعليقات 0

علبـــــة الكبـــريت

الهاشمية نيوز - فدوى بهجت خصاونة
العقل البشري هو قوة من قوى النفس لا يستهان بها «ابن سينا»
لا تغرك قوة الريح عندما تسجل أعلى من معدلها فأقصى ما تفعله أن تنعث الغبار وأوراق الشجر وبأصعب الحالات تقتلع غصن شجرة جافا.
ولكن عندما تسجل الدول قوة اعلى من معدلها فإنها تتوجه لنسف الشعوب نسفا تتخبط في سيرها وتوجهاتها تهدم الأبراج والمرافئ والفنادق وتقتل الأطفال.
ولأنها القوة التي تعلمناها بالفيزياء؛ القوة التي تتحكم بالأشياء وتغير أماكنها واتجاهاتها وتغير سرعتها هي نفسها القوة التي تحرك الدول وتحرك الشعوب وتتحكم بالاقتصاد وتعلن الحروب، القوة تحدد موعد الغداء والصلاة وحتى الاسماء تخضع للقوة؛ التجويع والمديونية والوباء والفوضى كله يسير تحت سيطرة قوة عظمى تحرك الشعوب للتظاهر وتحرك الشعوب للمعابد، القوة تجعل من الأنذال ابطالا ومن الشرفاء لصوصا.
الوضع الذي نعيشه اليوم يذكرنا ان الأيام تدور «وتلك الأيام نداولها بين الناس» فلا بد للإنسان مهما بلغ من الجبروت والكبر ان يمر بطور من العجز، فيصبح مقيدا بحركته وافكاره واحتياجاته؛ وكذلك الدول التي تدَّعي القوة ما هي الا بشر تأكل الطعام وتمشي بالاسواق.
دول الطغيان ترفع شعار البقاء للاقوى وما هذه العبارة الا خلاصة فكر عقيم لا يعلم ان الأقوى يندثر كما اندثر فرعون وقوم عاد وكما اندثرت امم من قبل توهمت بنفسها الخلود، حتى اقوى حيتان البحر ستضعف وتستسلم في الصحراء؛ فالبقاء ليس للأقوى وليس للأكثر شجاعة؛ ولكن البقاء للحق فلا يصح إلا الصحيح؛ فهو الشجرة الممتدة جذورها في وجدان الحياة تؤتي اكلها كل حين هو البذرة التي تأتي حصادها وتنبت سبع سنابل.
فأقوى إنسان على هذه الحياة هو الذي يكون على حق وله حق؛ حتى ولو كان أفقر البشر.
وأضعف إنسان هو الذي يكون على باطل وضلال حتى لو كان أغنى البشر.
أصحاب الحق لا يحتاجون إلى محام ولا دفاع ولا قضاة فإن الله أحسن الحاكمين؛ ولتعلم قوى الباطل أنها إلى زوال.
فكما سرقوا الفرح وكما نهبوا حقول النجوم سيأتي موسم اخر وحقبة أخرى اكثر إشراقا، فليس بعد هشيم الخريف الا شتاء مزهر يفيض بالحياة، وسيأتي الصيف يجفف دموع الزيتون بعد بكائه المرير وهم يقطعون أغصانه؛ يريدون أن يشعلوا بها نار الباطل، ولكن ريح الحق تأبى الا أن تطفئها؛ ولن يبقى في علبة الكبريت سوى عود ثقاب نصفه رماد.
وأن الله لا ينسى من تكبر وتجبر فسيأتيه اليوم الذي يلقى حسابه.
فمهما امتلكت من القوة فلا تغتر وتذكر ان الله يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده مفاتح الأرض والسماء.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :