-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 05-11-2020 09:59 AM     عدد المشاهدات 305    | عدد التعليقات 0

تحت مطرقة الفقر .. أطفال بعمر الورود يسابقون الزمن ويعيلون عائلات

الهاشمية نيوز - يتم استغلالهم بالأجر الزهيد.. يكبرون سريعا وتتأجل أحلامهم.. فإذا كانت هذه هي طفولتهم فماذا سيكون حالهم شبابا؟ هل سيكون إدراكهم كما أقرانهم أم أن قضاء الطفولة في الأسواق بين أجيال تكبرهم سيطفئ إدراكهم كما أُطفئ وهج الحياة في أعينهم البراقة، أطفالٌ يبيعون القهوة على الطرقات، وفراولة وعلكة ومحارم ورقية على الإشارات، وينامون تحت السيارات لفحص الزيت والعجلات.

ولطالما سعت المنظمات الإنسانية والتي تعنى بالحق بالطفولة والحياة الكريمة لإيجاد حلول جذرية لحياة أفضل ولكن؛ مهما قدمو من مساعدات وعقد مؤتمرات أو القيام بزيارات لمخيمات اللاجئين فمن باب الحقيقة هذا لا ينفع، إذ يقف الفقر حائلا في الدول الشرق متوسطية والتي لا تنعم بالبترول دون الوصول لنتائج مرضية، إذ تزداد عمالة الأطفال في الأسر التي يكون دخلها تحت خط الفقر، فيكونون عرضة للاستغلال من عديمي الضمير وفاقدي الرحمة فتترك فيهم ندوبا لا تشفى تلاحقهم لآخر العمر بسبب بيئة لا تناسبهم ثم نُسائل أنفسنا لماذا كَثُرَ المجرمون، واللصوص، والمدمنون، ولكن لم نتسائل قط كيف أصبحو كذلك وفي أي بيئة تمحورت طفولتهم، فمن الواجب تسليط الضوء على الأطفال فهم شبابنا غدا ولا بد من غرز أطيب القيم والأخلاق لا أن ندفعهم للشارع غير آبهين بمصيرهم.

أثناء مروري على الشارع المقابل لأحد الحدائق العامة كان «عمار» فتى الخبز ابن الخمسة عشر عاما يبيع المعجنات على عربة يجرها على ظهره، ولأنه ممنوع من الدخول والاختلاط بين الأطفال في ساحة الألعاب - بسبب اشتراط الحارس المسؤول عن الحديقة - يقف خلف البوابة ويمد ما يبيع من معجنات من بين القضبان الحديدية، توقفت معه ولكنني لوهلة شعرت بأني أحادث رجل في منتصف الأربعين، فهو لا يتحدث كالأطفال وإنما كرجل يحمل هموما فاقت قدرته سألته لماذا تعمل وهل هناك من يجبرك أجاب بهدوء :«لا لم يجبرني أحد ولكن إن لم أعمل فلن أجد طعاما لإخوتي لا يوجد معيل لهم إلا أنا وأُعين أمي على رعاية إخوتي الصغار»، سألته لم لا تقسم وقتك للعمل والدراسة أجاب :«لا يمكن كنت ضعيفا بالمدرسة بسبب عملي والآن عندما أصبح التعليم عن بعد بسبب جائحة كورونا زاد الأمر صعوبة ولم أستطع الموافقة بين العمل بظروف كورونا والتعليم عن بعد »، وفي الوقت الذي يدفع فيه بعض الأهالي ألوفا لتوفير أجود تعليم لأبنائهم لا يجد طفل الرعاية الكافية أو حتى الأساسية بسبب الظروف الاقتصادية والإجتماعية والثقافية والتي احتدت أكثر بسبب جائحة كورونا.

«تميم» طفل لم يبلغ 10 سنوات كان يعمل في أحد المطاعم الشعبية المملوكة لعمه الذي كان يستغله فلا يعطيه أجره وإنما نصف دينار في اليوم الواحد يقوم بالتنظيف وخدمة الزبائن قابلته بعد انتهاء عمله خوفا من أن يراه عمه، قال :«أنا أعمل هنا منذ عامين، أعود من مدرستي أضع حقيبتي وأباشر العمل أما أثناء العطلة الصيفية فأعمل طول اليوم»، وعندما سألته لماذا تعمل وهل الأجر جيد فأجاب هذا المطعم لعمي وأنا أساعده أحيانا أتمكن من إخراج مصروفي المدرسي وأحيانا لا، لا يوجد شيء رسمي وأحيانا إذا كان الإقبال على المطعم كثيرا يعطيني دينارين»، ثم سألته السؤال الأهم :«هل أنت سعيد بالعمل يا تميم؟»، صمت قليلا ولمعت عيناه وقال:« لا، لأنني أقلق خوفا من ارتكاب أي خطأ مع الزبائن فيضربني عمي» قلت لِمَ لا تشتكي لأهلك، أجاب :«والدي لا يصدقني وأخاف أن يضربني هو الآخر، فقد أجبرني على مساعدة عمي كي أصبح رجلا كما يقول»، وهنا كان لابد من تقديم أي مساعدة للطفل وتثقيفه بأن هذا يسمى استغلالا وهو غير قانوني وطلبت منه أن يتصل بإدارة حماية الأسرة ويشتكي على من يضربه.

تيسير رضوان مالك أحد المقاهي يقول:« إن عمالة الأطفال انتهاك مباشر للطفولة دون أدنى شك.. وعلى القانون أخذ عقوبات صارمة لكل من يستغل براءة هؤلاء الأطفال وعلى المجتمع التعاون في ذلك بوضع رقم هاتف مجاناً لكل من يرى طفلاً يعمل ويتم استغلاله حتى تعالج الشرطة هذا الإجرام في حق أطفالنا جميعاً، وعلينا إنشاء مراكز كشافية ورياضية من أجل تغطية وقت الفراغ لدى الأطفال وبالأخص في العطلة الصيفية، الطفل يمثل براءة الإنسان وعلينا الحفاظ عليها وليس استغلالها من أجل مصالحنا الشخصية، علينا حب أطفال المجتمع كما نحب أطفالنا وهم بحاجة إلى الإرشاد الاجتماعي ونعم لحياة الأطفال الكريمة والبعيدة عن الاستغلال والمذلة».

بجسد نحيل وعينان كسيرتان هزمهما الفقر أطلت نورا ذات الخمس أعوام تجوب الشوارع تبيع العلكة بين السيارات، سألتها عندما التقيت بها على أحد الإشارات الضوئية من أرسلك وطلب منك القيام بذلك أجابت أنا مجبرة يجب أن أعمل لأحصل على الطعام وإذا لم أبع كل ما في السلة فلن يدخلني زوج عمتي المنزل، فهو المسؤول عني لأنني يتيمة ليس أنا فحسب لدي أخوان كذلك يعملان في أحد ورشات تصليح السيارات.

وقالت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان في الأردن، عبلة عماوي، إنّ عدد الأطفال العاملين في الأردن بلغ حوالي 76 ألف طفل، يشكلون ما نسبته 1.89 في المائة من مجمل الأطفال في الفئة العمرية (5-17 سنة)، وذلك بحسب المسح الوطني لعمل الأطفال 2016، مضيفة أن من بين عمالة الأطفال التي تنطبق عليها المعايير هناك حوالي 45 ألف طفل يعملون في الأعمال الخطرة، أما في مجال توزيع الأطفال العاملين حسب الجنس، فإن نسبة الأطفال الذكور بلغت 3.24 في المائة من مجمل الأطفال في الفئة العمرية (5-17 سنة)، مقابل 0.45 في المائة للإناث، أما حسب الجنسية فقد بلغت النسبة بين الأطفال الأردنيين 1.75 في المائة، مقابل 3.22 في المائة بين الأطفال السوريين، وأضاف المجلس أن وجود هذه الأعداد من عمالة الأطفال يعتبر من الأمور المقلقة، خاصة أن هذه المشكلة مرشحة للزيادة في ظل تداعيات جائحة كورونا كما أن أعداد الأطفال العاملين في الفئة العمرية (5-17 سنة) لا تعبر عن العدد التراكمي للعاملين الذين ينتقلون من هذه الفئة العمرية إلى فئة الراشدين في سوق العمل، وهم يحملون مستويات متدنية من التعليم والمهارات، إذ يشير مسح العمالة والبطالة لعام 2019 إلى أن 51.5 من العاملين الأردنيين في سوق العمل بمستوى تعليم أساسي أقل.

كما حذرت جمعية تضامن بأن جائحة كورونا وعدم القدرة على الالتحاق بالتعليم عن بعد قد يزيدان من عمالة الأطفال، وبدوره أكد الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الزيود أن الوزارة تتأكد من تطبيق قانون العمل من خلال المفتشين الذين يتمتعون بصفة الضابطة العدلية وذلك من خلال القيام بزيارات تفتيشية مستمرة على مدار العام، وعمل حملات تفتيشية متخصصة للتأكد من التزام أصحاب العمل على تطبيق بنود العمل الخاصة بعمل الأطفال من المادة رقم 73 إلى المادة رقم 77 من نفس القانون بالإضافة إلى الأنظمة والتعليمات والقرارات الصادرة بموجبه قانون العمل الأردني رقم 8 لسنة 1996 وتعديلاته واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.

ومن خلال برنامج الحد من عمل الأطفال ومشروع مكافحة عمل الأطفال الممول من وزارة العمل هنالك مذكرة تفاهم مع الصندوق الأردني الهاشمي ينفذ من مركز الدعم الاجتماعي يتم سحب الأطفال العاملين المكتشفين من مفتشي العمل من خلال الزيارات التفتيشية.

أما بالنسبة للأعمال الخطرة من خلال قرار وزير العمل الموجود ضمن قانون العمل والمنشور على موقع الوزارة هنالك منع لعمل الأطفال في الأعمال الخطرة والمرهقة والمضرة بالصحة للأطفال بين 16 و 18 عام، وآلية التنسيق بين الوزارة وكافة الجهات المعنية بعمل الأطفال من خلال الإطار الوطني لمكافحة عمل الأطفال لسنة 2011 ووجود نظام إلكتروني وطني يضم هذه الجهات يحول حالات الأطفال لكل جهة حسب الإختصاص والمسؤولية مثل وزارة التنمية الإجتماعية ووزارة التربية والتعليم ووزارة العمل وبعض مؤسسات المجتمع المدني لتقديم الدعم والبرامج الخاصة لهؤلاء الأطفال وأسرهم ومحاولة إرجاعهم إلى الدراسة ومنع عملهم.

وقالت الوزارة أنه تم خلال الربع الأول من عام 2020 تنظيم (2711) زيارة تفتيشية خاصة بوزارة العمل متعلقة بعمل الأطفال، نتج عنها التعامل مع (396) حالة عمل أطفال، وتوجيه (250) إنذار و (110) مخالفة بحق أصحاب العمل، فيما تم في عام 2019 تنظيم (9249) زيارة تفتيشية خاصة بوزارة العمل متعلقة بعمل الأطفال، نتج عنها التعامل مع (589) حالة عمل أطفال، وتوجيه (383) إنذار و (316) مخالفة بحق أصحاب العمل.

أما فيما يتعلق بالإجراءات الحكومية التي اتخذت لمحاربة فيروس كورونا والتي ارتبطت بشكل مباشر وغير مباشر بمكافحة عمل الأطفال وحمايتهم، منها إتاحة وتوفير التعليم عن بعد عبر القنوات التلفزيونية والمنصات التعليمية، ومنع خروج الأطفال دون سن السادسة عشر في أوقات السماح بالتجول للمواطنين، وتكثيف الحملات التفتيشية على القطاعات المصرح لها بالعمل واتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق أصحاب العمل المخالفين ومن ضمنها تشغيل الأطفال، ودعم الأسر المحتاجة وعمال المياومة ومشتركي الضمان الإجتماعي الأمر الذي قلل عمل الأطفال، وإصدار تصاريح تجول غير شاملة الأطفال تحت سن السادسة عشر كعامل الأمر الذي يمنع دخول الأطفال لأماكن العمل والمولات والمراكز التجارية.

كما تقوم وزارة العمل بتنفيذ حملات تفتيشية متخصصة على بعض القطاعات التي يتواجد فيها عمل أطفال كقطاع الميكانيك وإصلاح المركبات ومحلات بيع القهوة السائلة وقطاع المطاعم، من خلال كوادر التفتيش المؤهلة والمنتشرة في الميدان، ودعت وزارة العمل إلى تضافر الجهود الوطنية والدولية لمواجهة عمل الأطفال من خلال التبليغ عن حالات عمل الأطفال على الموقع الخاص بعمل الأطفال Childlabor.jo.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :