-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 12-05-2020 10:35 AM     عدد المشاهدات 487    | عدد التعليقات 0

عيد من بعيد لبعيد ..

الهاشمية نيوز -
ابراهيم عبدالمجيد القيسي

استمرار الحظر ومنع التجول والاختلاط؛ يجب أن يستمر إلى ما بعد العيد، فقصة سائق الشاحنة أثخنتنا جراحا فوق تلك الأعباء التي احتملناها جميعا، واصطبرنا عليها تلبية لنداء المنطق والإنسانية والوطن، وحفاظا على مستقبل، قد يكبو فيه الناس مرات، لكنهم يقفون من جديد وتستمر الحياة..

دعوات لا أفهمها ومطالبات، تريد من الحكومة والدولة أن ترفع الحظر وتسمح للناس بالتعامل كالمعتاد أثناء عيد الفطر، مطالب لا أفهم المنطق منها أو فيها، فهل فهم هؤلاء بأن الجائحة انتهت وتم تحييد خطرها عن الأردن؟..ربما كان في الكلام وجهة نظر لو لم تحدث كارثة سائق الشاحنة المعروفة، الذي أعاد البلد الى ما أخطر من المربع الأول، حيث أنهى القراءات الصفرية لعدد الإصابات داخل البلاد، التي قدمتها لجنة مكافحة الأوبئة على امتداد 8 أيام متتالية، وقدم لنا عشرات الإصابات الجديدة التي تسبب بها ومنذ اليوم الأول لاكتشاف قصته المؤسفة، وهي إصابات أكثر من تلك التي شهدناها في الأيام الأولى في مرحلة «المربع الأول»، ولولا أن فرق التقصّي تعاملت بسرعة مع البؤر التي تسبب بها السائق، وحصرتها، بل وحاصرت الدولة تلك المناطق والبؤر الجديدة..لولا ذلك لكانت قراءاتنا بالمئات من الإصابات الجديدة يوميا، وهذا مثال وموقف حذرنا منه في أكثر من مقالة سابقة تم نشرها في هذه الزاوية، وكنا نعتقد بأن ما يجري على الحدود البرية يشبه الذي يجري في المطارات.. لنكتشف بأننا كنا مخطئين بهذا الاعتقاد، والمشكلة بلا شك تقع اليوم بيد مركز الأمن وإدارة الأزمات، وأعتقد بأنهم اختاروا القيام بإجراءات حازمة وحاسمة أيضا بشأن الشاحنات المتنقلة بيننا وبين الدول المختلفة..

لا نريد مفاجآت جديدة، وهي متوقعة بل تأكيد لو تم السماح للناس بالاختلاط والتزاور في أيام عيد الفطر، فيجب إكمال المشوار لعلنا نبدأ بقراءات «صفرية» من جديد خلال أيام العيد، وهو احتمال متوقع ما دامت الكوادر الصحية تقوم بعملها، وما دام الناس ملتزمون بالتعليمات التي تجنبهم وتجنبنا السقوط المريع في قبضة المرض المعدي سريع الانتشار.

لا يمكننا حصر النتائج السلبية على الاقتصاد والقطاع الخاص والحياة العامة في ميادينها الأخرى، فنحن ما زلنا في «معمعان» المواجهة مع الجائحة، ولا يمكننا تجاهل كل هذه المسافة التي قطعنا، لنستسلم ونعلن انسحابنا من هذه المواجهة الكونية، فاختفاء المرض وعودة الحياة ليست بيد جهة رسمية لو فكرنا بمنطق، هي بيدنا نحن، فالتزامنا القليل لأيام يجنبنا الشر كله، واستهتار واحد منا يكرّس حالة التعب والحرب مع كورونا ويعطل البلاد والعباد، فلا ينتظر أحد من الدولة أن تتجاوز عن هذه الحقائق وتقول للناس: انطلقوا الى سلوككم اليومي وأعمالكم كما شئتم، لأن هذا ما سيشكّل كارثة بالمعنى الحرفي للكلمة.

التجار الذين تعطلت أعمالهم في حالة يرثى لها، وهي حقيقة معروفة، فالإغلاق لمدة شهرين والتوقف عن العمل أثقل عليهم وربما أخرجهم من السوق، ورغم هذه النتيجة المأساوية إلا أننا نجده مناسبا التذكير بأنها حال البلاد كلها، بل هي حالة العالم اليوم، مع تمام علمي بأن هذا كلام لا يطعم الجياع خبزا ولا يسدد التزامات مالية، ولا يقدم ضمانات لاستمرار تلك الأعمال التجارية، فهذه فئة من أكثر الفئات المتضررة من الاستهتار، فهو يقتلهم ويقتل أعمالهم دونما حرب معلنة، بل مجرد جهل وعدم اكتراث من قبل بعضهم بالناس والمجتمع والفقراء، يدفعه للمقامرة بهم جميعا..عمل إجرامي كامل لو تم إعلانه تحد للدولة والناس من قبل المستهتر، لكنه لم يعلن شيئا إنما تعامل بجهل وبغياب ضمير..

يجب على الدولة إعادة تقييم للوضع، وإيجاد إجراءات تسمح للحياة بالعودة لطبيعتها وتحافظ على سلامة الناس من الإصابة بالمرض، وهذا أمر ممكن ولو جزئيا، فقانون الدفاع يتيح لنا التوسع في الإجراءات الصارمة والتي من شأنها أن تضع حدا لأي مستهتر غير ملتزم بالناس وبالدولة.

هل اقتنعنا بأن كثيرا من تصرفاتنا وسلوكنا بل وثقافاتنا خاطئة؟..تلك أهم النتائج «التنويرية» غير المباشرة التي أسفرت عنها هذه الجائحة، فهل نفهم حياتنا أكثر؟.. إن الحكمة كانت وستبقى ضالة المؤمن.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :