تاريخ النشر - 05-05-2020 10:50 AM عدد المشاهدات 417 | عدد التعليقات 0
فتـّوش اجتماعي ّ !
الهاشمية نيوز -
ماجد شاهين
يعرف الصائمون و غيرهم أن ّ طبق َ « الفتّوش « يُعد ّ من أشهى الأطباق والمقبّلات التي يلتذّ الناس في صنعها وتناولها ساعة الإفطار وما بعده ، و من جهة أخرى يتميّز طبق الفتوش ، و المعروف في الزمن الحديث ، بوصفه فاكهة الصوم و طبقا ً خفيف الظل ّ سهل الصنع والتناول بمكوّناته التي في متناول اليد .
الفتوش الرمضاني ّ بنكهاته العديدة يحضر في الموائد لدى الصائمين وقد يغيب عن غير المقتدرين أو ربّما عن الذين يفضّلون ألوانا ً مغايرة من الصحون المُضَافة الرمضانيّة .
و الآن ، فلنترك « فتوشنا « الذي نلتهمه جانبا ً ونتحدث عن فتوش آخر مختلف مغاير متنوّع و محبّب .
أقصد فتوش السهرات والحوارات والجلسات الرمضانيّة التي كانت وفي الأحوال كلّها مساحات للعصف الاجتماعي الإيجابيّ ولتبادل الرأي والمشورة و لتناول آخر تطوّرات الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسيّة والانتخابية .
كان رمضان ، قبل الآن ، مناخا ً ملائما ً لتشكيل الكثير من مواقف الرأي العام وصهرها والاتجاه بها نحو الفعل وبخاصة في المواسم الانتخابيّة وعلى تعدد أشكالها .
و كانت تنعقد « صالونات الحكي السياسي ّ « وجلسات التنوير الاجتماعيّ و حوارات التفاعل الثقافيّ في أطراف وحارات المدن ، ويُحشَد ُ لها وإليها نخبٌ و فئات متخصّصة و خبراء في فنون التبادل الاجتماعي والانتخابات والثقافة والفكر والسياسة .
وكانت ، في الأغلب ، تثمر عن توجهات عامة نحو الأداء المرتقب أو المطلوب أو نحو إرسال واستقبال و تحليل « بالونات اختبار « و إشارات هنا وهناك للقياس .
كانت السهرات الرمضانيّة مساحات لكثير من « حلقات إعادة إنتاج الوعي « ولكثير من حوارات إنتاج المواقف تجاه الحياة والناس والتغيّرات الاجتماعية والسياسيّة .
كان رمضان ، بالإضافة إلى حضور البهجة الدينيّة والالتزام ، يشكّل فرصا ٌ لإعادة الحياة لكلّ الخراب الذي قد يحلّ بنا بين موسمين .. كنّا نتقاطر إلى البيوت والصالونات والقاعات و الأماكن العامة والمقاهي ، أفرادا ً و جماعات ، لكي « نتشاوف « و نفرح ونتحاور و ندبّر ما يلزم لخوض تجربة هنا أو هناك .
هذا الفتّوس غاب في رمضاننا هذا !
يحضر طبق الطعام ويتراجع دور « المجالس « والسهرات لصالح الحذر و الخوف والانتظار .
لو تحضر أشهى أطباق الدنيا ، فلن تكون بديلا ً عن « طبق السهر الاجتماعي « .
نريد فتّـوشنا الاجتماعي ّ .