-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 24-12-2019 11:11 AM     عدد المشاهدات 721    | عدد التعليقات 0

أحبُّ الصالحين ولستُ منهم

الهاشمية نيوز -
د.حسان ابوعرقوب

صحبتُ والدي -رحمه الله تعالى- إلى منزل سماحة الشيخ نوح القضاة –رحمه الله تعالى- لتهنئته بعيد الفطر المبارك، وكان منزل سماحة الشيخ مكتظًّا بالمحبّين من رفقاء السّلاح، من أبناء القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، وكانوا يصرِّحون بحبهم واحترامهم البالغَيْن لسماحة الشيخ، واصفين إياه بالصلاح والتّقوى ومخافة ربِّ العالمين، فما كان من الشيخ إلا أن قال:
(يا إخوان، إذا كان الشافعي رحمة الله تعالى عليه يقول:
أحبُّ الصالحين ولستُ منهم...لعلّي أن أنال بهم شفاعة
وأكرهُ من تجارتُه المعاصي...ولو كنّا سواءً في البضاعة
هذا الشافعي يتكلم عن نفسه أنه يحبّ الصّالحين وليس منهم، مع أّنّه من أعيانهم، فماذا يقول نوح السلمان؟)
إنها من المواقف التي لا أنساها، ففي هذه الكلمات اليسيرة تعلّمتُ الكثير، وهكذا هُم أهلُ العلم والفضل، يُربّون تلاميذهم ومحبيهم، بلفظهم ولحظهم.
فقد تعلمت من سماحته ألا نغترَّ بثناء الناس علينا، ووصفهم إيانا بالعلم أو الصلاح، والله أعلم بمن اتقى، ثم لا بدّ ألا نتّكلَ على هذا الثناء فنقع في العُجبِ الذي سيجرّنا إلى الكِبر، ولا يدخل الجنة –أي مع السابقين- من كان في قبله مثقال ذرة من كِبر. وأن نظهر تواضعنا لله عند الثناء علينا، وأن نستحضر ذنوبنا ومعاصينا، كي لا تترفع نفسنا الأمّارة بالسوء، وأن نستحضر حالَ الصالحين وأهل التقوى كي نحجّم شهوة العُجب في قلوبنا، وأن نشكر الله تعالى على ما ستره علينا من قبيح فعالنا، وأظهر جميلها، حتى مدحنا الناس بها، وأن نستحضر أنّ كل فعل جميل ظهر علينا إنّما هو منسوبٌ لنبيّنا وسيّدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي علّمنا الخير، ودلّنا عليه، وهو بتوفيق الله لنا للأخذ به، فلم يبق لنا فضلٌ في شيء ممّا أظهر الله تعالى علينا، بجميل ستره ولطفه، وهو الذي خلقنا وخلق عَمَلنا، فمنه وإليه، فلا نستحق أن يمدَحَنا الخلقُ عليه، ومن جميل ما قاله ابن عطاء الله السكندري في هذا المقام: (إذا أرادَ أن يُظهرَ فضله عليك، خلق ونسبَ إليك)، اللهمّ استرنا بسترك الجميل.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :