-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 03-09-2019 10:22 AM     عدد المشاهدات 599    | عدد التعليقات 0

الجن وجرائم الشرف

الهاشمية نيوز -
باسل ترجمان

لم تكن إسراء أول ضحايا جرائم الشرف الذين يستجمعون كل ما بقي لهم من الرجولة في مجتمع تنكسر فيه هذه المعاني أمام البحث عن لقمة العيش بكرامة خلف جدار الفصل العنصري او على حواجز الاحتلال في كل أراضي فلسطين المحتلة، فهل تكون جريمة قتل اسراء اخر الجرائم المصبوغة بهذا القبح المجتمعي.
الجريمة التي فاقت في وحشيتها حدود السادية المفرطة لم يكتفِ مرتكبوها بكل ما فعلوه تحت مسمى الشرف بل واصلوا التشويه للضحية، وان الجن هو الذي تسبب لها بنوبات هستيريا ولما لا تزوجها في حفل اشرف عليه كبير ملوك الجان وحرم عليها الزواج من انسي ، هذا الإجرام المغطى بهستيريا مجتمعية تربط الدين بالخرافة والوهم استخدم دائما لتبرير الجرائم بكل معانيها ، وتغاضى مجتمع أسس فكره على اعتبار المرأة مشروع فضيحة من الولادة وحتى الممات وأنها وحتى لو بلغت التسعين من العمر ستبقى تهديدا أزليا في رقبة عائلتها لأنها وجدت في هذه الحياة بمرتبة المستعدة للانحراف ولكن وقوف الرجال في وجهها او لم تسمح لها الظروف بذلك منعها ان تتحول لمنحرفة.
هذه الجرائم المرتكبة بحق النساء في مجتمعاتنا ستبقى طالما ثقافة احتقار المرأة ودونيتها تتجسد في كل ثنايا حياتنا اليومية دون استثناء، وصمت المجتمع ومباركته لهذه الجرائم يعكس لذة سادية في تعذيب المرأة الكائن الأضعف مجتمعيا تماما مثل استعمال العنف ضد الأطفال العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم.
هذا العنف المجتمعي لم يجد من يردعه لان واضع القوانين تعامل بنفس العقلية المجتمعية مع المرأة رمز الخطيئة وطالما لم يكن هنالك تغيير في القانون يعاقب بشدة حتى استعمال صيغة جريمة الشرف لأنه ودون أي حق برأ القاتل وشوه الضحية ، ولم يكتف بانها ماتت بل سيبقى اسمها مرتبطا بعار شخصي طالما بقي من يعرف الحكاية حيا، والأخطر ان تبرير جريمة بهذه الوحشية يجب ان يكون بمثابة جريمة اكبر منها.
ماتت اسراء وحملت قهرها وظلم ذوي القربي والمجتمع لها وبقي على قائمة انتظار الجريمة القادمة عشرات بل ربما مئات ينتظرن تنفيذ حكم الإعدام بشكل وحشي ضدهن وفي كل مرة مبرر وتفسير للجريمة، هذه المرة كان الجن وفي المرة القادمة ماذا سيكون سببها هل ستلتقي مع ارواح قادمة السماء فيكتشف أهلها انها خانت شرف العائلة المقدس فيقتلوها ام الخوف على ورث يقتسموه ويذهب منه للغريب وهم احق منه بذلك.
الأخطر من الصمت المجتمعي هو صمت المؤسسات الرسمية وتغاضيها عن الجريمة بالمعنى الاجتماعي وليس القانوني للفعل وعدم التشهير بالمجرم وبالفعل الإجرامي وصمت الكثير من النساء عن ذلك وكأنهن يعتبرن ان هذا قدر لا مفر منه.
في مجتمع يعاني انفصاما حادا في الشخصية المجتمعية في رؤيته للمرأة فهي البطلة والمناضلة الصامدة التي تواجه الاحتلال وهي الأم التي تربي اجيال النضال ومن تشارك في تحمل اعباء حياة صعبة وفي نفس الوقت هي رمز الشر وفي داخلها نوازع الفساد بكل أنواعه وإذا وجدت فرصة لن تتورع عنه فهي خلقت ويا سبحان الله هكذا.
ماتت إسراء فهل تكشف الحقيقة ويعاقب القتلة وكل من شارك بالجريمة ويكون دمها حبراً يكتب فيه نهاية زمن انتهاك الحق في الحياة للنساء أم أننا سننسى وما أسرعنا في النسيان وننتظر جريمة جديدة تكون ضحيتها امرأة طعنت في شرفها لنعود ونتحدث عن هذا الأجرام المتجدد بمسميات الشرف في مجتمعات مازالت تعتبر شرفها في الخطيئة وليس في الكرامة.
من واجب الجميع أن يسأل الى أين نسير في هذا العنف المختزن داخلنا والموجه ضد اضعفنا والمفلت من العقاب بادعاء الحفاظ على الشرف.
هل ننتظر العدل أم الضحية الأخرى بعد إسراء.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :