-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 04-09-2018 09:44 AM     عدد المشاهدات 447    | عدد التعليقات 0

سيف يتغلب على إعاقته ويسكب مشاعره على لوحاته النحاسية

الهاشمية نيوز - داخل اللوحات النحاسية، يسكب سيف إبراهيم (38 عاما) مشاعره المرهفة التي تمنحه إحساسا مميزا، فهو يحاول عبر تلك النقوش الخالدة أن يبرهن أن الإعاقة قد تكون في أغلب الأحيان نقطة تحول مهمة في حياة الشخص، وتبرز قوته وتدفعه لأن يبحر في أسرار الحياة.
سيف قرر أن يثور ضد كل من يسعى لإحباط خططه نحو المستقبل، ويترك بصمته المميزة في ذاكرة الأيام. لهذا السبب اختار أن يقترب من فئات تعيش ظروفا صعبة يتشابه معها في القدرة على الصبر واستحضار الأمل من أعماق الوجع، مع هؤلاء تحديدا عرف كيف يكون طموحا حالما يبحث عن مكامن القوة لديه لتحقيق كل ما يتمناه.
وقوعه عن الدراجة الهوائية وهو في العاشرة من عمره كان السبب وراء إصابته بالشلل النصفي. كانت تلك اللحظات صعبة جدا، فعليه أن يختبر حياة جديدة لن تكون سهلة، بل تحتاج للصبر والإصرار. يقول سيف "اختبارات الحياة من الممكن جدا أن تغيرنا وتحرضنا على أن نكون مبدعين بأفكارنا بتطلعاتنا بإصرارنا على خلق لحظات إيجابية".
انتقل إلى زوايا أخرى من الحياة؛ حيث استطاع سيف أن يحترف الفن كإحساس ينبض بالحرية والجمال. البداية كانت من نادي المستقبل للإعاقة الحركية الذي كان يمارس فيه رياضته المفضلة وهي كرة السلة، وفكرة نقش اللوحات النحاسية جاءت من قبل رئيس النادي؛ إذ خاض التجربة لكونها جديدة ومختلفة وتحاكي جوانب كثيرة من شخصيته بحكم أنه يهوى الرسم والنسخ منذ صغره.
كل ذلك ساعده على أن يتقن الحرفة جيدا، ويتميز فيها، لكنه مع ذلك لم يستمر فيها طويلا بل اختار أن يكمل دراسته الجامعية في تخصص إدارة الأعمال، كما أنه ظل متعلقا بهوايته عاشقا لرياضة كرة السلة التي منحته جسما قويا، ومكنته من أن يكون حرا قادرا على التخلص من الطاقة السلبية التي تجتاحه رغما عنه وتجديد نفسيته.
تحد جديد ومصيري كان على سيف أن يجتازه بنجاح أن يقدم كل ما لديه ليثبت ذاته، ويكون كغيره شخصا فاعلا يسهم في تغيير المجتمع نحو الأفضل ويخرج من الإطار المغلق للإعاقة ذلك الذي يحرم أشخاصا كثيرين من حقهم في العمل.
يقول إنه وبعد محاولات كثيرة لإيجاد عمل يستطيع من خلاله أن يكون مستقلا ماديا ونفسيا، حصل على وظيفة كراصد إعلامي في إحدى الشركات، بقي فيها مدة سنتين قبل أن يقرر التخلي عن وجوده في ذلك المكان نتيجة لضغوط كثيرة تعرض لها.
سيف، ولأنه يرفض الخسارة، أراد أن يعيد ترتيب أوراقه ويفتش عن النقاط المضيئة في حياته ليستمد منها القوة والعزيمة، ويكمل مسيرته بصبر يمكنه من رؤية الأشياء بمنظوره الخاص، وأن يعتمد على نفسه أولا بفرصة تؤهله ليتفوق في مجال يحبه ويؤمن به.
النقش على النحاس كان هو خطوته الجديدة في طريق الإبداع والتميز؛ إذ لم يتردد أبدا في أن يدخل هذا الامتحان ويتغلب على كل المشكلات، ويسجل الإنجاز، ويكون مدركا لحقيقة أن الحياة تعطيك عندما تقرر أنت أن تعطيها.
تعلق بهذه الحرفة، وجسد كل ما يشعر به على النحاس، ذلك زاد من رغبته في أن يتطور أكثر ويجتهد في إدراج اسمه على قائمة المبدعين المحترفين. يبين سيف أن فكرة النقوشات ينتقيها من قلب الواقع لتكون أقرب إلى الناس ويتمكن بإحساسه العفوي الصادق أن يخلد ملامحها بإتقان.
ويتابع أنه عمل في أكثر من مشغل مختص بهذا النوع من الحرف، ورغم الصعوبات الكثيرة التي واجهها، أهمها غلاء المادة الخام وعدم إمكانية تسويقها بشكل يضمن مردودا كافيا يغطي كلفتها العالية.
اليوم هو يرى أن هناك تقصيرا واضحا في حق أشخاص يريدون فقط أن يعيشوا على طبيعتهم، يحتاجون لأن يتعاملوا باحترام، فهم يحملون مزايا إيجابية وراقية في شخصياتهم بعيدا عن التشكيك والمشاعر غير المجدية والمبالغ فيها.
ما يطمح إليه هو أن يتجاوز كل الآلام الناتجة عن النفور الاجتماعي، وأن يصبح هناك تقبل حقيقي للشخص من ذوي الإعاقة، وخاصة في مسألة الزواج التي تنغلق على التهميش والرفض والاستهانة باحتياجات هؤلاء الأشخاص.
ويلفت إلى أن المجتمع عليه دور بأن يعي قدرات ذوي الاعاقة وأمنياتهم، والحصول على الدعم الكافي في جميع النواحي النفسية والاجتماعية والعملية. أيضا إدراك أهمية توفير فرص عمل لهذه الفئة يؤثر وبشكل مباشر في تقويتهم وإسعادهم وتحريرهم من سلطة الآخرين عليهم.
المشاركة في معارض دولية وعالمية وامتلاك مشغل خاص، أحلام ملحة تطارد مخيلة سيف، تدعوه لأن يبذل قصارى جهده للانتقال بها من حيز الخيال إلى الحقيقة، ليكون باستطاعته التأكيد أن الإعاقة قدرة وانطلاقة إذا عرف الشخص كيف يجند كل العقبات لمصلحته، واستغلال كل اللحظات في خط تلك الإبداعات وحمايتها من أولئك المحبطين اليائسين الذين يكرهون نجاح الآخر ويعادونه.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :