-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 19-05-2021 11:53 AM     عدد المشاهدات 478    | عدد التعليقات 0

الفاقد التعليمي .. إلى أين؟

الهاشمية نيوز -
د. صفاء نواف بني حمدان

شئنا أم أبينا، لقد أثبت التعليم التقليدي أنه الأساس؛ فبعد هذه التجربة العصيبة مع جائحة كورونا، وما نتج عنها من إغلاق للمدارس، وبدء التعليم الإلكتروني أو ما يُعرف ب «التعليم عن بُعد»؛ بدا لدينا حجم الفاقد التعليمي أو الهدر التربوي (Educational Wastage) في ظل الأوضاع التي نعيشها الآن.

بشكل عام، يُعد الفاقد التعليمي أحد أهم المشكلات التي تواجه قطاع التعليم في عدد كبير من الدول؛ إذ يُشير بشكل عام إلى مقدار الوقت والجهد والأموال التي يتم إنفاقها على العملية التعليمية من دون التمكّن من تحقيق الأهداف المنشودة. وقد يكون له أسبابًا عديدة: كضعف جودة التعليم المقدّم، أو التدهور الاقتصادي في الدولة، أو ضعف متابعة أولياء الأمور لأبنائهم، أو عدم التمكن من مواصلة العملية التعليمية لظرف معيّن، وغيرها من الأسباب التي تؤدي إلى إهدار جزء كبير من الموارد المادية وكذلك الموارد البشرية بدون فائدة.

سأكتب عن تجربتي الشخصية في تعليم أبنائي وأنا أم غير عاملة، ويعني ذلك أن لدي متسع من الوقت للجلوس مع أبنائي وتدريسهم. لكن لا يوجد أسوأ من شعور الأم التي تراقب أبنائها منذ البداية، في كل ما يتعلمونه، وكل ما يتقنونه. لتجد بعد سنتين تقريبًا من التعليم عن بُعد، المستوى المتدني في القراءة والكتابة والإملاء وحلّ الرياضيات، وغيرها من المواد التي تكمّل بعضها بعض.

نعم، نشاهد ونراقب كمية الفاقد التعليمي لدى طلبتنا، مع انشغال الطلبة باللعب بالأجهزة الذكية، والسّهر لساعات متأخرة، وتأجيلهم لأداء الواجبات المدرسية، لقد تعمّق شعور اللامبالاة لديهم، فضلاً عن قيام بعض أولياء الأمور بحل الواجبات وأداء الامتحانات عوضًا عن أبنائهم؛ حرصًا منهم على حصولهم على أعلى العلامات. لقد اختفى النظام من حياتنا، والمشكلة أن الأهل أصبحوا أكثر إحباطا من أبنائهم، وهم يجاهدون ليبقى أبنائهم على الطريق الصحيح ولكن مع طول المدة، تراخى الأهل والطلبة، وأصابهم الإحباط والملل.

عن أي تعليم نتحدث، وأنا أدخل غرفة ابني وهو يتابع حصة الرياضيات للصف السادس. يفرك عينيه من الألم؛ بسبب انشغاله بمتابعة معلمته في حصة الرياضيات، والتي تجاوزت مدتها الثلاثين دقيقة -وهي من المعلمات الكفؤات التي تجاهد لإيصال الفكرة لطلبتها-، ولكنها تعلم أن ما تحققه من نشر الفيديو لطلبتها لا يوصل 25% من الفكرة لو كانت تحل الأمثلة أمامهم على السبورة، وتحذرهم من الانشغال بأي شيء أثناء شرحها، ناهيك عن أسئلتها المفاجئة، التي تُجبر الطالب على الانتباه. فضلاَ عن الفيديوهات الأخرى التي تُرسَل من المدرسة للطالب لمتابعة الحصص الأخرى، وحلّ الواجبات وإرسالها إلى معلمة المادة عن طريق تطبيق الواتس أب، حيث تقوم المعلمة بتصحيحها وإرسالها للطالب مرة أخرى، ويطلب منه عند وجود خطأ ما في الإجابة أن يصححه ويرسله مرة أخرى،......... وهكذا.

هذا مثال بسيط عن حجم المعاناة مع هذا النوع من التعليم. جميل أن يختلط التعليم بالتكنولوجيا الحديثة، ويواكب كلّ جديد في النظريات والأساليب التربوية الحديثة، لكن بعد التجربة، لا يوجد أجمل من صوت جرس المدرسة، الذي يبعث فينا نحن الأهل قبل الطلبة شعور الانتماء والتنظيم والانضباط والراحة لمستقبل أبنائنا.

أتمنى من وزارة التربية والتعليم أن تُعدّ الخطط المناسبة، وأن تتوحّد الآراء وتُتّخذ القرارات الصائبة للتخلص تدريجيًا وبصورة صحيحة من هذه المشكلة، بالإضافة إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي للمؤسسات التربوية، ولأن هذه المشكلة كبيرة؛ فلا بُدّ من تظافر الجهود وتكاتفها للتخلص منها، وأتمنى من الله العلي القدير أن يزيل هذه الجائحة من حياتنا، وأن تفتح مدارسنا أبوابها من جديد...






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :