كورونا يرحل

الهاشمية نيوز - فدوى بهجت خصاونة

اعتدنا أن نضع خيطا بين أوراق الرواية لنعود إليها ونتابع.
واعتدنا أن نضع فاصلة بين الكلمات لنأخذ نفسا ونعاود.
وهكذا اعتدنا أن نأخذ غفوة عن الحياة ونتركها ولا نعاود.
ففي كلِّ كتاب صفحة مكتوب عليها النهاية.
في أعماق النور على أنقاض الكلمات، هدأ القلب، و خفت النبض، وتلاشى القيد والأنات.
صرخ الصمت على أرواح الأموات، كورونا تجوب العالم ومصابين، وموتى بالمئات
ريح الموتى على القمصان على منديل أبيض تعمي القلب وتعمي البصر، ريح الجوع، وريح المنفى في كمامة.
كورونا عاصفة هوجاء، أغصان الإنسان مالت، سقطت ضاعت، موت، أكفان، حزن، تأبين دون صلاة دون خطيب.
دون مساجد، دون إمام؛ حتى صاح القبر من الوجع الساكن، من ألم المرض صاح القبر.
حتى قال القبر كفوا عن صخري الأموات، لموا الجثامين، كورونا شبح غول
كورونا قهر
فقر
موت
ثوب أسود
كورونا وحش كاسر.
في أعماق النور ظلام لف الكون، حزن يتسرب
يلتهب
يشتعل في القلب ويحرق اليابس والأخضر.
كورونا موت قادم من أرض الصين، رحالة طاف و جال بثياب الفتح.
أسطورة كورونا باقية فيها العبرة، يلتف يدور يحيط بنا وهل من يلتف صديق؟
كالذئب يحوم حول الأغنام، ينقض عليها يأكلها لا يشفع فيها راع أو صاحب لا يثني الذئب عصا الراعي.
ارتوت الأرض غرق العالم بالأموات، بالصيحات.
غرق العالم حتى سقط البرج وتلاشت كل الغيمات.
كورونا يقتحم الجدران، يجتاز البعد؛ فلا ينفع حجر، ولا صيف، ولا شتاء، يتكاثر في الأحياء، طوفان في كل الأقطاب.
كورونا حجب الرؤية ولقاح الفقر يتوغل، ينهش، يسرق رغيف الخبز من أفواه الأطفال.
كورونا حكاية أحفادي شيطان لا يهدأ، يسكن في كل الأرواح يخلد في أعماق النفس مهانا.
عدوى البعد لا ترحم شيخا أو طفلا، لا ترحم أحدًا على كف الأرض، في حضن الأرض زرعوا ألغام الفيروس.
بذرة كورونا تتكاثر تنمو تزهر وخزا شوكا أعدادا تزداد حينا وتنقص حينا آخر بحسب الطلب وحسب الحاجة.
كورونا يرحل، وكيف الجوع؟
وكيف الفقر؟
وكيف ظلام الجهل سيرحل؟
وكيف الطغيان سيرحل؟
نحن لا يقتلنا الفيروس ولا يقتلنا الجوع؛ ولكن شبح الظلم يقتل، شبح اليأس يقتل.
في أعماق العتمة سيف من نور الله؛ يقطع حبل الظلمة، يمطر خيرا، يهزم جيشا وجحافل.
يرسل من سبع سموات طيرا أبابيل، فلا تيأس.
كورونا يرحل لا تيأس.