-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 22-04-2020 10:03 AM     عدد المشاهدات 308    | عدد التعليقات 0

كـــورونــــا .. تبرز عادات وسلوكيات أفراد المجتمع

الهاشمية نيوز - تعد جائحة كورونا تحديا عالميا يستوجب تجاوبا منسقا منا جميعا بحيث تتظافر فيه كافة الجهود لمواجهة هذا التهديد المشترك.

كما أننا جميعا قلقون بشأن الآثار التي خلفتها جائحة كورونا على كافة دول العالم العربية والأجنبية لحماية البشرية ومن أجل دعم صحة أفراد المجتمع وانتعاش اقتصادها.

بدورها الدكتورة هند البريزات الباحثة في علم الاجتماع علقت على الامر بالقول « لا يمكن تجاهل الأثر الذي خلفته جائحة كورونا حتى الآن على عادات وسلوكيات الأفراد في المجتمع وعلى معتقداتهم وتوقعاتهم، فثمة اشارات مهمة نشأت عن هذه الجائحة لا يمكن التغاضي عنها فهي بمثابة جرس انذار يدق لينذرنا أن الظروف ليست ثابتة، ومتغيرة بطرق دراماتيكية أحيانا، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في نمط الحياة الحالي والمتوقع مستقبلا. فعليا انعكست هذه الجائحة على المجتمع بعادات وسلوكيات لم تكن منتشرة وبعضها لم يكن موجودا أو غير مقبول.

ثقافيا عمل وباء كورونا على الاستغناء والحد من بعض العادات والتقاليد التي كنا نعتقد أنه لا يمكن الاستغناء عنها يوما كونها إرثا لا يمكن تجاهله إلا في بعض الحالات الخارجة عن الإرادة، لكن اليوم على سبيل المثال أصبح اختصار السلام أمرا مقبولا دون أن يتحسس أحد من مشاعر الجفاء والجدية والبعد فيه كونه يعد سببا رئيسا في نقل العدوى، كما اختصرت مظاهر الأفراح والأتراح، وهنا أستذكر عندما كانت تُطرح قضية تخفيف أعباء بيوت العزاء واقتراح البعض لاختصار الأيام الثلاثة ليومين أو يوم كما أن مسألة تكاليف الزواج المرهقة نالت تداولا كبيرا وهناك كان المؤيد والمعارض أما اليوم فنجد أن الوباء فرض علينا ما كنا نختلف فيه وهو أنه يمكن للزواج أن يتم دون تكاليف تثقل كاهل الأزواج ودون حضور العشرات، وأنه يوارى موتانا الثرى دون أن نُجهد أهل المتوفى بعشاء وغداء وغيرهما من التكاليف المرهقة.

أصبحت الزيارات العائلية أو للأصدقاء أمنية لدى البعض، قسم وجد بهذه الحال راحة لهم من الزيارات المتتالية وتخفيف الأعباء من ضيافة وواجبات اجتماعية وقلة احتكاك وتجنب للمشاكل وأصبح هذا النمط يشكل عذرا مقبولا دون نقاش قد يمتد أثره لما بعد الازمة الحالية، أما القسم الآخر وجد فيها مشقة وحزنا لعدم القرب من عائلاتهم وأطفالهم بشكل متواصل وهنا برزت مظاهر اجتماعية مثل ارتفاع درجة الصبر وتفهم الوضع الراهن والتعليمات المفروضة، إضافة الى اعتماد الكثير على أنفسهم وعدم الاتكاء على الآخرين خلال هذه الوباء، هذا الحد من اللقاء والاحتكاك لا يعني الانقطاع لكن بدأ بالتغيير في وعي الأفراد شيئا فشيئا رغم المقاومة للواقع الجديد بقصد أو بدون قصد الا أن الوعي الجديد أثر في تقبل الأمور ورفضها وبالتغير وبدأ التنازل والتعديل على بعض العادات والسلوكيات التي قد تكون مؤقتة أو دائمة.

من ناحية أخرى عدم السماح باستخدام المركبات والاستعاضة عنها بالمشي او استخدام الدراجات الهوائية أجبر الكثير على بذل المجهود البدني وهو أمر جيد لصحة الانسان الذي يقوى عليه، هنا نجد أنه باستطاعتنا قضاء بعض من حاجاتنا دون اللجوء لاستخدام المركبات؛ ما يعمل على التوفير بمصروف المحروقات للأفراد ويساعد أيضا في المحافظة على الصحة العامة خاصة في ظل ملازمة المنازل وعدم الذهاب الى العمل فان الكثيرين لا يبذلون مجهودا جسديا فضلا عن تناول الطعام بكميات أكبر أحيانا الأمر الذي قد يضر بهم. واستكمالا لهذا ظهرت سلوكيات جديدة وهي انتشار مشاركة الذكور بالأعمال المتعلقة بالمطبخ مثل المساهمة في الطبخ والعجن ومحاولة اكتساب مهارات او تسخير المهارات التي يمتلكونها وذلك لسد حاجاتهم التي كانوا يحصلون عليها من المطاعم والمقاهي وغيرهما ولعل هذه التشاركية أشعرت الجميع بأهمية التعاون وفوائده وملأت بعضا من الفراغ، كما أنه أصبحت الكثير من الأسر تعتمد على ذاتها في الإنتاج وذلك لأن الكثير منها أجبر على سد الحاجات الأساسية والقيام بأعمال التصليحات والترميم وغيرها واصبح هذا نظام حياة.

أما على الصعيد الصحي وهو جانب لا يقل أهمية عن غيره لوحظ أن هناك اهتماما والتزاما كبيرين بشروط الصحة العامة فالإقبال على الكمامات الصحية والقفازات ومواد التعقيم سابقا كان يقتصر بشكل عام على قطاعات معينة وبعض الفئات أما الآن فأصبح جزءا لا يتجزأ من مظاهر الحياة اليومية لدى شرائح كبيرة، فالمحافظة على النظافة أصبحت تأخذ اهتماما أكبر نتمنى المحافظة عليه دائما فهي التي تقينا من الأمراض وتجعل من بلدنا أجمل إضافة الى كونها قيمة يجب أن يتصف بها الجميع. أما من اتجهوا الى اشغال أنفسهم بمواقع الاتصال والتواصل فأظهروا مواهب مختلفة منها ما عاد عليهم بالفائدة فالأزمات تخلق الفرص وهناك من يقتنص الفرص لخدمته وللاستفادة منها مما قد يدفعهم للاستمرار بهذا النهج حتى بعد انتهاء الأزمة فالظروف المتقلبة لا بد أن تكون إشارة تحذيرية تعمل على إعادة التخطيط والتنظيم للمستقبل.

أما الأطفال فلا شك أنه شيئا فشيئا أصبح لديهم تغيير في وعيهم وتقبلهم للوضع الراهن، في بداية الأزمة كان من الصعب اقناعهم على ملازمة المنزل او عدم ذهابهم للمدارس ومراكز رياض الاطفال وأماكن الترفيه الا أنه شهدنا تجاوبا وتفهما من الأطفال ومشاركات واسعة منهم تفيد بالالتزام بالتعليمات وعدم مغادرة المنزل كما انتشرت مظاهر التقدير للأجهزة الأمنية باستقبالهم بالورود وانتظار جولاتهم وهذا يعكس فاعلية ادارك الأطفال المتأثر بالأزمة الحالية وأنه باستطاعتنا تنشئة أجيال واعية مهيأة لمواجهة المستقبل في المقابل تحدى البعض التعليمات ولكن الالتزام الكلي الذي أظهره المجتمع عكس سلوكا ونمطا جديدين للحياة تم تقبله ولو كان صعبا ولكن برز مفهوم الانضباط بشكل واسع ومفهوم الحذر إضافة الى تكاتف المجتمع بمساندة بعضه بعضا في صور متعددة.

لا يمكن حصر العادات والسلوكيات التي تأثرت فيما سبق، كون جائحة كورونا قد شكلت صدمة متفاوتة الشدة لدى الأفراد، فتمثلت في الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي وحتى السياسي الأمر الذي سيجعل من الكثير يعيدون حساباتهم وخططهم، إضافة الى أنه سيتم إعادة النظر بالكثير من السلوكيات والعادات التي أثبتت هذه الأزمة أنه يمكن التخلي عنها أو تبني نظام وعادات وسلوكيات جديدة، ومن الواضح أنه لا يمكن الاستغناء عن المصالح المشتركة مع الأفراد او الدول ولكن فرضت الجائحة خطابات جديدة أكثر واقعية وإنسانية في كثير من الأحيان.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :