-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 31-03-2020 10:22 AM     عدد المشاهدات 467    | عدد التعليقات 0

الأردنيون يكشفون عن معدنهم الأصيل

الهاشمية نيوز -
حسين الرواشدة

الدولة تستعيد عافيتها، هذا باختصار ما أنجزناه في نحو شهرين فقط، بعد ان عجزنا عن انتزاعه، رغم كل محاولاتنا على امتداد السنوات الطويلة.

ما حدث ليس صدفة ابداً، فمعدن الأردنيين حين «تحكه» الأزمات يكشف عن أصالته، شهدنا ذلك في «الكرامة» المعركة، وفي مطلع التسعينيات حين هاجمتنا أزمة الخليج والحرب على العراق ، وفي مواقف أخرى كثيرة اختبرت فيها إرادة الأردنيين وعزيمتهم، فانتصرت على جبهات الداخل والخارج على حد سواء.

الآن، يمكن ان نفهم لماذا تجاوزنا أزمة «الربيع العربي»، ولماذا خرجنا من هذه «المعمعة» التي أطاحت بالأنظمة والدول والمجتمعات، كان ذلك بفضل وعي الأردنيين وتوحدهم مع قيادتهم، أو ان شئت بفضل قوة الدولة وقدرتها على فرض نموذجها في التسامح والاستيعاب وفي الانتصار لمنطق «نحن معا» بدل من «احنا شعب وانتو شعب» أو منطق «انا ومن بعدي الطوفان».

الأردنيون، اليوم، وهم يستعدون للاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس الدولة، يشعرون بالاعتزاز اكثر من أي وقت مضى بالدولة التي أسسها أجدادهم، وتناوبوا على بنائها وتعزيزها والحفاظ عليها جيلا بعد جيل، وإذا كانت بعض المحطات قد زعزعت ثقتهم بحكوماتهم ومؤسساتهم، وزرعت داخلهم بعض الشكوك والهواجس والمخاوف، فإنهم في هذه اللحظة الصعبة التي اثبتوا فيها لأنفسهم بأنهم «أقوى» مما كانوا يتصورون، يستعيدون ثقتهم بدولتهم، ويتطلعون إلى ما أنجزته في مرايا العالم المتحضر، بدل أن يقارنوه بما أنجزته دول تشاركهم في الجغرافيا والتاريخ، وفي التجربة أيضا.

هذه، بالطبع، فرصة للتذكير بمسألتين، الأولى ان ما قدمته الدولة من أداء فاق كل التوقعات واصبح مصدر اعجاب لدى الآخرين في مواجهة هذا «الوباء»، يجب ان يكون نقطة انطلاق لبناء مرحلة جديدة قادمة، تنهض فيها الدولة مع المجتمع للتوافق على تأسيس «مشروع» وطني يجمع الأردنيين بكافة اطيافهم وتوجهاتهم على مشتركات للإصلاح المطلوب، فقد حان الوقت فعلاً «لبناء» الأردن الجديد، اردن العدالة والحرية والمواطنة، وها قد جاءت الفرصة التي انتظرناها منذ سنوات.

أما المسألة الثانية فتتعلق بالانطلاق منذ الآن لترميم « آثار العدوان» الذي تسبب به وباء «كورونا» على جبهة الاقتصاد، فمعركتنا القادمة بعد انحسار الأزمة ستكون صعبة، ليس فقط على صعيد الأوضاع المالية والاقتصادية وانما بما تفرزه على صعيد مجالاتنا الاجتماعية والنفسية وقدرة المجتمع على «التكييف» مع نتائج ما حصل، الأمر الذي يستدعي تشكيل «خلية أزمة» وطنية بمشاركة خبراء اقتصاديين، لوضع برامج عملية تساعدنا في التعامل مع إفرازات «تعطل حركة» الاقتصاد وتجاوز تداعياته.

يبقى لدي رجاء وهو، ان نمسك بهذه اللحظة التاريخية التي أثبتت فيها الدولة الأردنية أنها أقوى مما كان يتصور البعض، وان نستثمر فيها لبناء المستقبل الذي يليق بأبنائنا، يكفي ان «الثقة» التي كنا نشكو من غيابها بين الناس ودولتهم قد عادت، وعليها وبها يمكن ان نحتفي معاً بدولتنا الأردنية وهي تطوي مئة عام من عمرها..

لنمضي نحو الغد المشرق بكل عزيمة واعتزاز.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :