-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 16-07-2019 10:52 AM     عدد المشاهدات 489    | عدد التعليقات 0

يا وطن .. رفقًا بأبنائك المغتربين!

الهاشمية نيوز -
رشاد ابو داود

للسفر سبع فوائد و ضرر واحد هو الحنين. كلما طال الأول زاد الثاني.وللغربة خسارة واحدة هي..العمر. الصيف أشهر امتلاء القلوب بالشغف والحقائب بالهدايا والمطارات بالعائدين. أولئك الذين سعوا في مناكبها وراء رزقهم، فاختاروا الغربة في بلاد غيرهم بعيداً عن الدار و الديار، وعن الأم و الأب و الأهل، عن «صباح الخير يُمه»، وعن « بدك أشي يابا، أنا رايح الشغل « ليسمع « الله يرضى عليك يا ابني، بدي سلامتك «.
هناك، في الغربة، حياة صعبة منزوعة الحنان. تعمل مع ناس جدد، تسكن مع غرباء مثلك وعنك. لا لغتهم لغتك ولا دينهم دينك، ولا اهتماماتهم اهتماماتك. لكن الهدف واحد، هدفك و هدفهم، انه الرزق الذي من أجله تغرب الكل. أنت تحصل بمقدار ما تعمل، وتكافأ بقدر ما تنتج. وان أخطأت أو تقاعست أو حل محلك بديل راتبه أقل من راتبك، تُلغى اقامتك، والطريق الذي جئت منه تعود منه. فوجودك رهن بالحاجة اليك، ان انتهت الحاجة انتهى عملك.
الغربة تنسيك أحياناً هذه الحقيقة. تتماهى مع الوضع الجديد , تتزوج، تنجب أبناء، يدخل ابناؤك المدارس، يكبرون، تكبر أنت ولا تنتبه الى البياض الذي يتسلل الى رأسك شعرة شعرة، ولا الى الى التجاعيد التي ترتسم على وجهك وانحناءة ظهرك. لا تنتبه الا الى الساعة التي تقرر تفاصيل يومك ولا تدري أن كل يوم يمر هو عمرك.
ليس صحيحاً أن في الغربة « المصاري بالشوالات « وكل من تغرب أصبح مليونيراً، او جمع ما يكفي لبناء فيلا. فمن جمع ثمن قطعة أرض فئة «ب» محظوظ، ومن عاد بسيارة محظوظ، ومن رجع بدون مرض أكثر المحظوظين.
هناك، في الغربة بعيداً عن الأهل يتسرب العمر من بين الأصابع كالماء. كتب الزميل المغترب زكي قربان على صفحته في الفيسبوك :
ينتظرون أسبوعا للاستمتاع بالجمعة
وينتظرون عاما للاستمتاع بالصيف
وينتظرون العمر بأكمله على أمل أن تأتي السعادة....
وتضيع الحياة في الانتظار
عبدالله بني عيسى زميل مغترب آخر كتب بحرقة عن معاناته حين «تورط» بوضع تحويشة غربته زائد قروض في بناء بيت في عمان اقتطف منها قوله :
«أخذت قروضا واخترت البناء في الأردن وأنا مغترب من 20 عاما، حتى أربط ابني وبناتي بالأردن بأي طريقة، وحتى أثبت لنفسي أن رهاني على الأردن تصدقه إجراءات على الأرض وليس كلاماً إنشائياً.
لكن بعد حوالي سنة من رحلة البناء بصراحة أنا الآن نادم على القرار لأني شعرت أن أعاقب على قراري. فقد دفعت رسوماً لأمانة عمان و دائرة الأراضي و شركة الكهرباء وضرائب بمسميات خيالية تقترب من 30 الف دينار عدا عن «المرمطة و الشحططة والانتظار «.
تحويلات المغتربين رافد اساسي من الاقتصاد الوطني.يستحقون معاملة أفضل حين يستثمرون ما جمعوه من تعب العمر أو حين يعودون الى حضن الوطن.
يا أيها الوطن الجميل، الحنون مهما قست الظروف، رفقاً بأبنائك المغتربين.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :