-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 26-03-2019 11:27 AM     عدد المشاهدات 434    | عدد التعليقات 0

فيس بوك

الهاشمية نيوز -
فارس الحباشنة

ليس هناك من مسؤول رسمي تجلس معه وتحاوره الا ويشكو بقلق وتذمر من « الفيس بوك «. وليس هناك من مسؤول الا ويقول أتعرض الى هجمة من جهات مغرضة ومجهولة، ويطالعك بمقولات ممزوجة بروح المؤامرة. تسمع هذا النغمة اياها، ويرددها أهل السلطة دون مواربة، وبصوت عالٍ، وينصبون الفيس عدوا افتراضيا.
و أكثر ما يعتريك من السخرية أن بعضهم انتقل الى الوزارة أو مواقع اخرى في احضان السلطة قادما من الفيس بوك. وزير قال لي : إنه لم يكن يعرف رئيس الحكومة عمر الرزاز من السابق، ولكنهما تعارفا على الفيس بوك على بعضهما عندما كان الرئيس وزيرا للتربية والتعليم، وجرا بينهما سجالات حول قضايا عامة. وليس هذا المهم ما يضع علامات استفهام أن بعض مسؤولي الدولة يشغلون ويعلقون صفحاتهم على الفيس بوك على «هواء ومزاج وحال وجودهم على الكراسي أو خروجهم عنها».
«الفيس بوك والسوشيال ميديا»، والزمن الافتراضي تفرض بعضا من الاسئلة في عالم نعيش به. ثمة تغيرات كبرى في زمن الويب والويب ميديا، وهذا ما لا يمكن مواجهته بالتذمر والتقييد واللعنة والشيطنة. الوجه الجديد للرأي العام ما لا يتاح في التشبيكات التقليدية فقد تراه على الفيس بوك والسوشيال ميديا في مجالات التعبير والتشبيكات الاجتماعية وايصال المعلومة والاشتباك مع القضايا والصراعات وغيرها.
ديمقراطية شعبية لنسمها «ديمقراطية مباشرة» على الطريقة اليويانية مدينة افلاطون الفاضلة. منابر جديدة، وبل إنها بنيويا وعضويا هي الحاضنة للرأي العام، وصانعة التغيير مؤثرة في حركة المجتمع والتاريخ. وعلى الحالة الأردنية نسمع دائما نبؤات شوم على طريق»البوم «، ولربما هذا دليل على العجز والتهرب من المسؤولية والعطل في التفكير والتفكير المضاد، ومن السهل البقاء على شيطنة الرأي العام والفيس بوك، ولكن الى متى، والى أين قد نصل مثلا؟
قبل عقود كان اختراع الانترنت قد هز العالم وقلبه رأسا على عقب، وكان بمثابة فتح في عالم الاتصالات والتكنولوجيا، وأدى ذلك الى انقلاب وتحول رديكالي في حركة التاريخ، ومن الخطأ التهاون وتجاهل ما قد تصنعه التكنولوجيا، ولابد من معرفة الطرق الأنجع لاستغلالها وتوظيفها للمصالح الوطنية، وهذا ما يشغل الأمم والاوطان الحية حاملة المشاريع التقدمية والنهضوية، والتي حولت التكنولوجيا الى صناعة واقتصاد معرفي انتاجي.
هي بلا شك معركة، ومن الصعب والمستحيل اعدام الفيس بوك واعلان وفاته، وعلى العكس ولو هناك مكان للتعبير في المجال العام لما انتقل الناس الى الفيس بوك، ولو أن الوسائط السياسية من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني فاعلة وعاملة وناشطة بحيوية وطنية لما وصل الفيس بوك لهذا المستوى والحد من التجييش والشحن السياسي، فالمعركة تنتقل من مواضعها الطبيعية المعطلة والغائبة الى الفيس بوك.
فمن قال إذن للناس انتم مظلومون؟ ومن قال للسلطة في وجهها إنك عوراء؟ وبعض من الاسئلة الجارحة والناقدة، والعيون مازالت شاخصة نحو الحكومة والنواب كي يسنوا قوانين ومراسيم وقرارات عصرية وحضارية، تدعم الحرية ولا تقمعها، بحيث لا يزيد من الكبت الاجتماعي العام، وتحمي الحرية والرأي العام، وتعيد الى الديمقراطية الأردنية بريقها وازدهارها من زمن مضى، ولا تبقى حكومات تسرف في تفريغ أزماتها العميقة وفشلها في إيجاد سياسات عامة ناجعة وقويمة برميها على رؤوس الأردنيين ليدفعوا الثمن مرتين بلقمة العيش وحريتهم.




وسوم: #فيس


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :