-

المجتمع والناس

تاريخ النشر - 06-03-2019 09:27 AM     عدد المشاهدات 345    | عدد التعليقات 0

هستيريـا مواقع التواصل الاجتماعي .. سلبية وسوداوية وسهولة استخدام

الهاشمية نيوز - حالة من السلبية والسوداوية تعم وسائل التواصل الاجتماعي، وقد نتفق جميعا أنها لم تبتكر لهذا السبب إطلاقا، بل إنها قد تكون ميدانا لوسائل إعلام لنشر الاخبار وطريقة سريعة للتواصل الإجتماعي ومن هنا جاءت تسميتها.
فهي تقرب البعيد وتفتح آفاقا للمعرفة والتنور (وليس التنمر على واقع يتغير باستمرار)، منصات سهلة الإستخدام لجميع الأعمار وليس هناك سقف يحمي منها، فهي متاحة لأي كان وفي أي مكان وزمان والجميع يتشارك باستخدامها والتواصل من خلالها، إلا أن الفارق الوحيد يكمن في كيفية استخدامها والضوابط الذاتية التي من شأنها أن تلزمنا بأن نؤيد أو نعارض أو نشارك أو ننشر أي عبارة أو معلومة عبر هذه المنصات.
ليس النقد ممنوعا ولا ممارسة حرية التعبير ولنا الحق في إظهار الباطل والكشف عن خباياه، ولكن ما هو ممنوع ولم نعهده في مجتمعنا الأردني أن نتداول ونتناقل أي كلام أو أخبار دون التحقق منها أو معرفة مصدرها الأساس ودون أدنى حس بالوطنية والمسؤولية، لمجرد التغريد أو النشر أو حتى إعادة النشر (كمن يدس السم في العسل)، لأشخاص غالبا لا نعرفهم أو إلتقيناهم يوما ما وكأن ما يقولون مثبت ودقيق ولا يدع مجالا للشك.
وكما هو ظاهر للعيان، فنحن نتعرض لموجة غير مسبوقة من الأخبار المفبركة والإشاعات الممنهجة التي نشهدها في الآونة الأخيرة عبر منصات التواصل الاجتماعي في الأردن، بعض هذه المعلومات أو الأخبار أو سمها ما شئت يأتي من الداخل وبعضها من الخارج، وكأن الجبهات فتحت على مصراعيها، حتى أن قنوات الرصد والتحليل تحتاج لمنظومة معلوماتية دفاعية في مواجهة هذا الكم الهائل من الأخبار التي تأتي من هنا وهناك.
جلالة الملك عبدالله الثاني تعرض لهذه الظاهرة في مناسبتين، اولاهما كانت من خلال مقالة نشرها بتاريخ 30 تشرين الاول 2018 بعنوان « منصات التواصل أم التناحر الاجتماعي؟»، وأراد جلالته من خلالها تشجيع أبناء وبنات الأردن على النقاش البناء حول أولوياتنا وقضايانا الوطنية المهمة؛ مسلطا الضوء على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مركزا على مسألة جوهرية تخص الظواهر الاجتماعية المقلقة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وحذر مما تحمله من أفكار هدامة وإشاعات وأخبار ملفقة تشكل الوقود الذي يغذي به أصحاب الأجندات متابعيهم لاستقطاب الرأي العام أو تصفية حسابات شخصية وسياسية.
أما المناسبة الثانية التي تناول فيها جلالة الملك الحديث عن هذا الموضوع، فكانت بالأمس 5 آذار 2019، حيث نشر فيها تغريدة عبر حسابه الشخصي في تويتر قال فيها: « اغتيال الشخصية ونشر المعلومات المغلوطة، هما تعد صارخ على الحياة الشخصية وعلى الأعراف والقوانين، وهذا الأمر دخيل على مجتمعنا وقيمنا، أما تسريب المعلومات والوثائق الرسمية فهو أمر مرفوض ومناف للأخلاق ولن نسمح به، والقانون سيأخذ مجراه»، إنتهى الإقتباس.
جلالة الملك يرسل إلينا إشارات واضحة وجلية مفادها أن الوضع لا يحتمل فتح المجال أمام هواة وحاقدين أو لأجندات خارجية تستهدف منجزاتنا ووحدتنا الوطنية، فالحروف التي تكتب عبر مواقع التواصل أصبحت منابر لبث خطاب الكراهية والعنف والتحريض والذم والقدح واغتيال الشخصيات الوطنية دون أدنى مسؤولية بالذنب أو حتى بالأعراف والتقاليد التي تشربناها عبر تاريخنا الذي يشهد به الجميع.. فعلينا الابتعاد عن السوداوية وجلد الذات وحالات الإنكار التي تظهر على هذه الصفحات وانكار الواقع ونجاحات الدولة على الصعد كافة بتاريخ حافل بالعطاء.
ليس غريبا أننا ندرك حجم التحديات والخطر المحيط بنا، فهناك من يريد أن «يصطاد بالماء العكر»، ولكن الغريب أن نجلد أنفسنا وأن نصدق دعاة الفتنة والتضليل والفبركة، فهؤلاء سواء كانوا بالداخل او الخارج، فهم معروفون وصفحاتهم معروفة وأهدافهم واضحة ومبيتة، فلماذا نستمع إليهم ونكسبهم شهرة لم يتوقعوها في يوم من الأيام.
في الأردن لا تحظر المواقع ولا التطبيقات ولا تكمم الأفواه ولا يجر المرء بجريرة عمل لم يقم به أو يحاسب على قول أو رأي، في الوقت الذي يحدث ذلك في دول متقدمة وتتغنى بحقوق الإنسان ولا نسمع من ينتقدها.
هذا الأمر يحتم علينا مراعاة المصلحة الوطنية والمسؤولية الأخلاقية والاجتماعية عند الكتابة والنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأن ننظر الى الأمور من جميع الإتجاهات وألا نساوم على مبادئنا وأخلاقياتنا لمجرد الإعجاب أو التفاعل أو إعادة النشر، فكم منا تراجع عن معلومة مغلوطة نشرها عبر اي منصة وقال: «أخطأت وأعتذر»، ومن منا وضع في حساباته من أين يأتي هذا الكم الهائل من المعلومات والأخبار التي تستهدف الأردن، ومن منا عرف خلفية الأشخاص وأهدافهم وقناعاتهم وأفكارهم، كل ذلك يندرج تحت مسميات جدلية نسبية تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ، ولكن ما يعظمها ويجعل منها شيئا مهما هو سرعة تداولها واستنزافها بالتحليل والتمحيص حتى آخر حرف فيها وكأنها جاءت من غيور ومحب للوطن أو أنها تنزلت علينا دون أدنى شك.
الخلاصة، أننا أمام حالة غير صحية أقل ما يمكن تسميتها «هستيريا مواقع التواصل الإجتماعي» وشوائب تعلق بالكتابة والنشر عبر المنصات بطريقة عشوائية غير منضبطة لا تراعِ تحري الدقة أو الموضوعية، الأمر الذي يحتم علينا جميعا أفرادا ومؤسسات خاصة وعامة ضبط هذا الإيقاع بغية الانسجام مع الأهداف الاستراتيجية في بناء الأردن الحديث.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :