-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 26-02-2019 11:01 AM     عدد المشاهدات 449    | عدد التعليقات 0

عن الشباب

الهاشمية نيوز -
فارس الحباشنة


في سبعينات وثمانينات القرن الماضي لم تكن قصات الشعر الطويل والمنفوش مجرد موضة إنما تعبير عن تمرد ما. لربما هو تمرد على كل شيء، ومن يراجع وثائقيات وأرشيف الجامعات والحركات الطلابية الأردنية في تلك الفترة يكتشف مدا هائجا لافكار ثورية وتنويرية واصلاحية ووطنية يسارية واجتماعية.
وقد وصلت الى ذروتها بعد حرب 67 وهزيمة العرب، وفيما بعد الهزيمة وصلت أصداء الثورة الطلابية في فرنسا 68 الى العالم العربي. هي لحظات حملت أسئلة مختلفة عن نظرة الإنسان الى الكون والحياة والوجود والاخر والوطن، وللسياسية والحب واللذة المحرمة، اسئلة للتحقق من الهوية ومعاني الاخلاق، وكما بدأ في رواية نجيب محفوظ «حب تحت المطر» وهوامش على دفتر النكسة.
ولدت في العالم حركات شباب ثورية اندفعت بافكارها نحو العلم والرفاهية والتقدم. وفي نفس الوقت قاومت الحرب وتداعياتها بعد الحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام، وشبح الموت وانتهاء البشرية بمجرد كبسة زر بالصدفة كما كان يمكن أن يكون في أزمة خليج الخنازير، والحرب الباردة بين القطيبن الامريكي والسوفيتي.
ثورة الشباب اندفعت نحو تحرير العقل والحواس من الحمولة الزائدة، ولحظة انفجار يحكى عنها من أبناء جيلها : انها تحمل طاقة كبيرة جدا. ولم يكن لديهم الحكمة أو القدرة على تنظيم أنفسهم. فقط طاقة. العالم كله كان فى حالة غريبة. أفكار كثيرة تتخلق وتتكون.هذه هى اللحظة التى يتكون فيها أول جيل عالمي. أول مرة يتكون جيل له ملامح محددة ومختلفة فى كل أنحاء العالم فى نفس الوقت.
ومع أني لا انتمي لهذا الجيل، وانتمي للجيل الثاني الذي تلاه، الا أن مؤثراته في السياسة والثقافة والفن والعلوم هزت العالم، من سارتر ودولوز وفوكو. أفكار هزت العالم، وكادت أن تغييره، ولربما نكاد أن نتكلم عن ثورة وصلت الى كل العالم. فأينما بحثت في مجتمعات العالم في تلك الفترة تعثر على اصداء للثورة الطلابية الفرنسية، وما بعدها.
لربما أن وعي جيل وأجيال لاحقة تشكل على ايقاعها بالفكر والسياسة والموسيقى والفن، وكان هذا الجيل مفرطا بالحساسية الوطنية والقومية، والانسانية. نظرة مختلفة للعالم والوجود والآخر، وهذا ما اختصر أيضا في ولادة لحركات سياسية واجتماعية احتجاجية عربية ناءت الانظمة التقليدية والتسلطية، وحاربت من أجل الحرية والعلم والعدالة الاجتماعية.
الرواي والشاعر الأردني تيسير السبول من ولادات تلك المرحلة بزخم تناقضاتها، وهي لحظات وعي اكتشفت مقاومة أخرى لما هو سائد ومكرس، ومقاومة لهزينة 67، ولربما أن رواية « أنت منذ اليوم « حملت مشروعا فكريا وسياسيا واجتماعيا منائيا ومتمردا، وله جاذبية اجتماعية في شخصية «عربي « بطل الرواية الذي كان من المفروض أن لا ينتحر، وأن تكون ديمومة الشخصية رمزا لاستمرارية المشروع الوطني التحرري.
تيسير السبول ابن جيل رفض الهزيمة، وطرح سؤالا نقديا باسباب هزيمة العرب وتراجعهم الحضاري. وهو جيل قرر أن لا يقبل الامر الواقع، وصعد بالسياسة والفكر والثقافة ليكتشف ما هو مسكوت عنه، وليعيد تعريف الهوية والذات. ولربما أن هذا المشروع وليد أفكار التحرر والعدالة والحرية قد وقع بين فكي مؤامرة أحبطته واغتالته، وعاد الفكر العربي أسيرا الى مرجعيات تقليدية، واتسعت مساحة المسكوت عنه والتابعي والمذيل بالسلطة والدين في الفكر العربي.




وسوم: #عن


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :