-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 12-02-2019 09:12 AM     عدد المشاهدات 323    | عدد التعليقات 0

صفير الطناجر

الهاشمية نيوز -
رمزي الغزوي


تعتمد استراتيجية طنجرة الضغط، على حبس البخار وكبته وتكبيله، والتضييق عليه، مما يسبب زيادة هائلة في الضغط الجوي داخل الطنجرة، وهو الأمر الذي يرفع درجة غليان الماء إلى مئتين أو
ثلاثمئة درجة مئوية (في الظروف الطبيعية لا تتعدى حرارة غليان المئة درجة كما تعلمون)، وهذه الزيادة الكبيرة في الحرارة، هي التي تسبب النضج السريع للطعام حتى لو كان لحماً (هرشاً) لرأس ثور من العصر الحجري.
البخار لديه قوة هائلة، قد تصبح انفجارية، وهذا معروف. فحتى القط الهزيل، إن حبس ينقلب نمراً، فما بالك في بخار ساخن، يُرفع ضغطه إلى أرقام فلكية، ويكبت، ويحبس، ولهذا لم يتركوا طناجر الضغط، بلا عصفور تنفيس، وهو الصمام الذي ينظم خروجاً متوازياً للبخار، فيحقق الهدف المرجو، وهو رفع درجة حرارة الماء، وبنفس الوقت لا يتسبب بكارثة إذا ما ظل البخار حبيس الطنجرة. فكل جدران العالم وطناجره لا تقف في وجه بخار مضغوط مكبوت.
ومن ميزات طناجر الضغط، أنها تبدأ بالصفير أو الزقزقة، بشكل أعلى، كلما ارتفعت درجة الحرارة في داخلها، وعندما تصل إلى أعلى درجة حرارة ممكنة، يأخذ الصفير شكلاً مختلفاً ومغايراً، تعرفه كل ربات البيوت، وتحفظ ذبذباته، ولكنته. ويجب أن يعرفه كل أصحاب القرار، في المطابخ السياسية أيضاً. فعندما يصبح صوت التنفيس مختلفاً، وكأنه مارد محبوس، يجب إنزال الطنجرة عن رأس النار، وتبريدها بماء الحنفية، والانتظار قبل فتحها، لأكلها، أو التأكد من نضجها.
فشكرا لعصافير التنفيس، ولا أعرف ما اسمها المتداول، فقد رأينا الشعوب المطبوخة المضغوطة، التي حرمت من هذه العصافير، كيف انفجرت وتطايرت من الطنجرة، ولطخت الجدران. والحمد لله أن الكلمات الصادقة، النابعة من معاناة الناس ومن لحمهم المطبوخ. الكلمة التي لا تحدّها السقوف، ولا تخنقها الظروف، هي التي كانت وستبقى عصافير تنفيس تبعد الكارثة عنا.
السياسة تتشابه مع فن الطبخ. تحتاج إلى نار بعدة درجات: تحتاج للهادئة تفيد بالنضج البطيء، ولنار حامية تليق بالقلي، ولمتوسطة تناسب الخبز والخبيز.




وسوم: #صفير


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :