-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 05-02-2019 12:16 PM     عدد المشاهدات 387    | عدد التعليقات 0

الفعل .. وردّة الفعل

الهاشمية نيوز -
رشيد حسن


ستظل الامة بأسرها في مربع التبعية، ما دامت محكومة بردة الفعل، ولن تستطيع ان تخرج الى ميدان الفعل، ما دامت تفتقر الى استراتيجية تحكمها، وتحدد مسار عملها وطموحاتها واهدافها..
ومن هنا ستبقى اسيرة الارتجالية، وردات الفعل غير المنضبطة، ما لم تمسك بزمام المبادرة، وتجترح الافعال.
ردة الفعل هذه -يا سادة-، أصبحت هي المقياس على تردي الاوضاع في العالم العربي من الماء الى الماء، وأصبحت هي المقياس على أن هذه الامة، وهذه الانظمة تائهة.. ضائعة، ضيعت البوصلة، ولم تعد تملك من أمرها شيئا.
وبوضع النقاط على الحروف...
نجزم أن الامة ومنذ سقوط المشروع القومي في هزيمة حزيران 1967، الذي رفع لواءه الزعيم الخالد جمال عبدالناصر، وبعد حرب تشرين 1973، التي وحدت الامة في صورة زاهية لم تشهد لها مثيلا... اذ حارب العرب كلهم يدا واحدة.. جيوشا ونفطا وامكانات هائلة.. لاسترجاع الارادة والكرامة العربية التي اغتيلت ذات صباح حزيراني اسود..
منذ ذلك التاريخ الاسود دخلت الامة كلها صحراء التيه، وقد تفرقت أيدي سبأ، بعد ان سقط الرابط الذي يجمعها، ونعني الرابط القومي، وقد أصبحت ضحية مؤامرة اميركية قذرة ارتسمت معالمها باسقاط المشروع القومي اولا، ثم اخراج مصر من خندق المقاومة.. من الصف العربي، بتوقيعها على «كامب ديفيد» والاعتراف ب»دولة العدو الصهيوني على 78 % من أرض فلسطين التاريخية، وقبل ان يسحب العدو قواته الغازية من الارض العربية التي احتلها في حزيران 67 وفي مقدمتها القدس العربية.
الانقسام العربي، او بالاحرى الانهيار العربي بدأ باعتراف مصر بالكيان الصهيوني الغاصب، ما ترتب عليه سقوط الامن القومي العربي، والانقسام ما بين مؤيد أو معارض.. وكرت المسبحة بعد ذلك، اتفاقية اوسلو، فتح ممثليات تجارية وسياسية للعدو في غير دولة»..
واستمر الانهيار العربي متسارعا، وبصورة غير متوقعة ومأساوية، وكأن زلزالا قد ضرب الامة، وزلزل أركانها، وهز يقينها بثوابتها ومقدساتها، فلم تعد خير امة اخرجت للناس، بل عادت جاهلية، قبائل وطوائف تتصارع، وتتطاحن وتتناحر..يقتل بعضها بعضا، ويسفك ابناؤها دم اخوانهم، ويكفر بعضهم بعضا، بعد ان اختطفت « داعش» ومن لف لفها من الارهابيين الاسلام الحنيف، باوامر من سادتهم في البيت الابيض و «الس. أي.ايه» فلم يطلقوا طلقة واحدة على العدو الصهيوني،الذي يغتصب القدس والاقصى، ويشرد شعبا كاملا، ودمروا بكل حقد وكراهية وباوامر من اسيادهم الصهاينة، ستة اقطار عربية، وحولوا حواضر الامة الى خراب ودمار، بعد ان كانت منارات للعلم والمعرفة والاخاء والتسامح،ونشروا الموت والكراهية والارهاب بابشع صوره، حتى أصبحت أمنية المواطن العربي هي الهروب من هذا الوطن المحكوم عليه بالموت والخوف، بفعل الفوضى الاميركية المجنونة.
لم تعد القضية الفلسطينية توحد الامة، وتجمع شملها، بل أصبح التسابق على الاعتراف بالعدو الصهيوني، وفتح اوتوسترادات التطبيع مع تل ابيب هو من اولويات بعض الدول على اعتبار ان كسب ود وثقة واشنطن، يمر عبر تل ابيب. على حد توهم هذه الدول..
وبهذا ضربت هذه الدول المبادرة العربية بعرض الحائط، فقامت بالتطبيع قبل ان تقوم اسرائيل بالانسحاب من الاراضي العربية، وفي مقدتها القدس، وقبل ان تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وقبل عودة اللاجئين، كم اشترطت مبادرة السلام.
لا امل بخروج الامة من غرفة الانعاش، ولا امل بخروجها من مربع التبعية لاميركا، ومن مستنقع ردة الفعل.. الا اذا امتلكت ارادتها، وكسرت اغلال التبعية، وهذا لن يتم الا باجتراح استراتيجية عربية، محورها هو : العودة الى المشروع القومي العربي الذي وحد الامة في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وجعل منها قوة كبرى في المنطقة والعالم..يسمع صوتها وتحترم ارادتها.
وكانت صيحة زعيمها الخالد « ارفع رأسك يا اخي فانت عربي»...
« وما اخذ بالقوة لا يسترجع بغير القوة «...
العودة للمشروع القومي هو الوحيد الذي يعيد الحياة والكرامة للامة، ويحررها من التبعية، ومن ثارات داحس والغبراء، ويخرجها من مستنقع ردات الفعل.. الى صناعة الفعل.. وصناعة المستقبل.. وكتابة التاريخ.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :