-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 23-12-2018 11:15 AM     عدد المشاهدات 421    | عدد التعليقات 0

كستناء الدخان

الهاشمية نيوز -
رمزي الغزوي



من المعلوم أن القرد مقلد كبير يعمد إلى محاكاة حركات الإنسان الذي أمامه بحذافيرها. فإذا رفعت يدك؛ فسيرفع يده مثلك، وإذا صفعت جداراً؛ فسيصفعه مسبباً ليده ألما مبرحاً، ولهذا إن أردت ذبحه، فما عليك إلا أن تمرر سكيناً على عنقك ذهاباً وإياباً، من جهتها غير الحادة بالطبع، ثم ترمي بها إليه، فسيلقطها بسرعة ويمررها على عنقه، ليكون ضحية تقليده الأعمى.
وليس دائماً ما تكون القرود مقلدة، فقد تغدو في أزمنة الشقلبة كائنات مجددة، ذات دهاء محنك، خصوصاً إذا تلبستها العقلية الانتهازية، فمما يروى أن قرداً أليفاً رأى سيده يرص حبات الكستناء، على صفيح النار ليشويها، وعندما غاب لبعض شوؤنه، حاول القرد بالسطو على الكستناء، لكنه لم يستطع أن يتناول الحبات عن الصفيحة الحامية، فنادى القطة الصغيرة، وقبض على يدها، ساحباً الكستناء بفرح، وهي تموء ألماً.
بعدما بردت الكستناء ملأ القرد بطنه، فيما ظلت القطة تموء بحرقة، حتى جاء رب المنزل، ومنحها ركلة أرض جو أصابت رأس الشارع، معتقداً أنها أكلت كستناءه: فيدها المحروقة دليل لصوصيتها.
لربما سنختلف على أسماء القطة: فهي البسة بمصر، والبسينة في الشام ولبنان، والبزونة في العراق، وربما سنختلف على مسميات الكستناء، هل هي (أبو فروة) كما يسمونها المصريون؟، أم هي شاه بلوط في بلاد فارس، أم هي الكستنة باللاتينية، أو القسطل باليونانية. ولكننا سنتفق على أن القرود البشرية هي الأخطر في كل الأزمات.
سيكون علينا في غمة الفساد أن نتحقق جيدا من كل أصحاب الأيادي، الذين اتخذوا يد القطة وحققوا مكاسب وارباحا ملأوا بها بطونا لا تعرف شبعاً. نريد كشف تلك الأيادي، مهما كان شأن أصحابها عاليا. نريدها مكشوفة معروفة؛ كي نرى من كان قلبه على البلد، ومن كان البلد في بطنه.
بقي أن أنبهكم أن الذين يقطفون الكستناء المشوية بيد القطط، أو بيد غيرهم من البشر، لن تنفع معهم حيلة صفعة الجدار، أو سكين مرهفة تذبحهم من وريد لوريد، فهم أذكى من ذلك بكثير، ولربما أن رمينا إليهم بسكين، فستنالنا طعنة نجلاء.
وإن كنت أتعبتكم مع قرود الكستناء، فسأعوض عن هذا بنصيحة شتائية خالصة لوجه الدفء. فليس أجمل من صوت انفجار حبات بلوط تعلن عن نضجها في جمرات كانون النار أمامك، وحتى لو قالوا لكم إن البلوط يقسّي الرؤوس ويغلظها، فسيظل كستناءنا اللذيذة، نحن الفقراء إلى رحمة الله فقط، والافقر إلى عدالته.




وسوم: #كستناء


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :