-

اخبار محلية

تاريخ النشر - 20-07-2018 03:52 PM     عدد المشاهدات 221    | عدد التعليقات 0

الرزاز يترافع عن حكومته ويداعب مشاعر الأردنيين

الهاشمية نيوز - مرافعة لافتة تقدم بها رئيس حكومة الأردن الدكتور عمر الرزاز امام البرلمان في معرض رده على مداخلات النواب جميعا تعمّد فيها التفصيل والحديث في معظم ما ورد من الغرفة التشريعية الأولى من تفاصيل، بما فيها الحديث عن ارث عائلته ووزرائه. تلك المرافعة قد لا تشكل فقط نقطة لصالحه، فهو وإن عيّنه الملك الا انه تحت مجهر الشارع الذي يعتبر نفسه غطاء الرجل.
الدكتور الرزاز وبغض النظر عن مرافعته أبدا جانباً هامّاً من شخصيته، وان لم شابه بعض القلق والتردد، الا ان ذلك لا ينفي ان موقفين اقدم عليهما تركا بصمة إنسانية لدى الشارع. فالرجل يتواصل صباحاً بشكل مباشر مع سيدات معتصمات على باب مجلس النواب تطالبن بعفو عامٍّ لابنائهن، ويعدهن بحنوّ وبمفردات رطبة ووطنية بالنظر بالقصة؛ ثم واثناء منح الثقة وبعد دقائق من بدء فوضى رجل يحاول القفز عن شرفات النواب يذهب رئيس الوزراء الجديد اليه ويتلقفه ويحتضنه ويستمع اليه. مثل هذه المبادرات يتطلبها الشارع الأردني ويحبها وتشكّل فارقاً في وجدانه، والدكتور الرزاز يعلم ذلك بالفطرة والطبيعة قبل المتابعة.
الرجل بهذا المعنى تحدث للشارع، وحتى في رده على النواب، لم يدخل في أي مهاترات ولا حتى ردود على المفردات الجدلية سواء التي طعنت في فريقه أو حتى التي خاضت في ارثه وارث عائلته، وصولا لكل من تعرض لاي مركز قوة اخر سواء من مؤسسات امنية او حتى مؤسسة القصر، بل التزم بأدبياته التاريخية، حيث رجل “يختار معاركه” كما قال سابقاً.
التنافس مع المؤسسات الأمنية والعسكرية ليست معركة يريدها رئيس الوزراء الأردني لا بل ويبتعد عنها ويرفض الخوض فيها، وكذلك ملفات القصر وتفاصيل القرارات السيادية في السياسة الخارجية فهو يراها تسير بأفضل ما يمكن ولا داعٍ للخوض فيها او التطفل على تفاصيلها، وهذا ما يفسر اكتفاؤه بالحديث عن صفقة القرن والثوابت الأردنية المتعلقة بها، والاشادة بالمؤسسات الأمنية.
رئيس الوزراء يعتبر نفسه مكملا للمؤسسات الأخرى، ولا يحاول اخذ مساحة أحد في سبيل الحفاظ على مساحة معقولة من الحركة في الاطارين الاقتصادي وكل المؤسسات المتعلقة به، والتنموي والقطاعات المتداخلة به من خدمات وفرص ممتدة على مساحة المملكة. مجدداً فالرجل يحاول عمليا اخذ ما يريد ولكن ببطء وعمق وبرضا الجميع، وعلى الطريقة التي كُلّف فيها ان ينجز “مشروع نهضة وطني شامل” في كتاب الملك عبد الله الثاني.
دفاعه عن مساحته المفترضة يمكن تلمسه من خلال أولا دفاعه بهدوء عن مفردة “العقد الاجتماعي الجديد” والتي شنّت من يسميها عراب التيار المدني الدكتور مروان المعشر “قوى الوضع القائم” عليه (أي على المصطلح) حملة عنيفة خلال الأيام الماضية. من استمع لمرافعة الرزاز أيضا يمكن له التقاط الرجل مجددا وهو يتحدث عن مئوية الدولة، الامر الذي يظهر منه رغبة في ربط المصطلحين ببعضهما البعض، وبالتالي يمنح الرجل نفسه مساحة 5 سنوات لانجاز العقد الاجتماعي والمشاريع التنموية المطلوبة.
وثاني دفاعات الرزاز عن مساحة عمله يمكن تلمسها عبر إعلانه وبصراحة ووضوح تحمله لمسؤولية اختيار وزرائه وتأدية فريقه لمهامه ومشروعه، وهذه بحد ذاتها رسالة إيجابية لكل الأطراف بما فيهم أعضاء الفريق أنفسهم، الذين عليهم علامات استفهام وتعجب كثيرة بات بعضها من الرزاز نفسه.
الرزاز صاحب معايير الكفاءة اخضع نفسه قبل سواه لمعايير الأداء التي يقدّسها، وهو يحدد برنامجا يجب ان تتضح معالمه خلال 100 يوم. هذا الوعد بصورة حصرية يجب ان ينتبه الرزاز له جيداً، فأي تسويف به او تجاهل لتفاصيل حمّلها هو لنفسه بالمهلة المذكورة يعني بالضرورة سقطة من النوع الصعب الاحتمال.
كل ما ورد انفاً يمكن منه قراءة توصيف يفضّله الرزاز لنفسه وهو يتحدث عن الدور الذي يقوم به كرئيس وزراء: فهو يرى نفسه اقتصادي ومهني واداري ذو نظرة استراتيجية. ذلك لا ينفي عنه مبادئه السياسية والأخلاقية وانتماؤه وعروبته بالنسبة اليه، ولكنه يفضّل عمليا الاشتباك مع الملفات المختلفة في الأردن عبر هذه البوابة.
بوابة الرزاز يمكن فهمها وتوقعها في كل التفاصيل، حتى في حديثه عن كون الاقتصاد الأردني يدفع كلفة ما اسماه “أثر الجوار” وهو يفصل العوامل الخارجية التي اضرت بالاقتصاد الأردني وهو ما سيجعل العيون من الان فصاعدا مفتوحة اكثر على تطبيع اقتصادي على الحدود الأردنية سواء مع سوريا او العراق او حتى دولا ابعد من ذلك، خصوصا وان تكليف شخصية مثل الدكتور الرزاز أصلا يحمل رسالة فصل السياسة عن الاقتصاد في المستقبل القريب، خصوصا مع النظام السوري الذي يشارف على احكام قبضته على جنوب بلاده.
هذا لا يمنع ان الملف في العلاقات مع سوريا معقد أصلا وتحاول عمان اللعب فيه بحذر شديد ومن بوابة روسية بالمعنى الشامل، وسورية في البعد الأمني والاستخباري فقط. عمان وانطلاقا من القنوات المفتوحة في البعد الاستخباري تحاول فعلا ما اسماه رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز بدء الحديث عن تطبيع اقتصادي، وهو الامر الذي اقرت الناطقة الرسمية باسم الحكومة ووزير الاعلام ذات الخلفية الاقتصادية جمانة غنيمات في حديث أيضا انه الاقرب للواقع، رغم مطالبات كثيرة تتزايد وترتفع حاليا للانفتاح بصورة كاملة على التعامل مع السوريين ومن تحت القبة البرلمانية، سبقتها بسنوات دعوة من نائب رئيس الوزراء الأسبق المسيس الدكتور ممدوح العبادي لعدم الوصول لقطع العلاقات منذ البداية، لا بل والانفتاح على ايران أيضا.
بكل الأحوال، حكومة الدكتور عمر الرزاز وبعد ان حازت على ثقة مريحة في البرلمان (79 نائبا من 130) ودون خلفيات سياسية تقيّدها (فقد حجبت عنها الثقة كل من كتلة الإصلاح التابعة للاخوان المسلمين، والتيار المدني المفترض انها تتبعه)، تبقى تحت مجهر الشارع وعلى قاعدة “من فمك ادينك” حتى نهاية المئة يوم، ولغاية ذلك الحين يمكن التأكد من أن رئيس الوزراء يرصد ويتابع ويراقب وزراءه وغيرهم أثناء انجاز مهمته الاولى، فهو اكثر تعطشاً من البرلمانيين كلهم لتعديل وزاري او حتى اجتراح في الفريق.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :