-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 26-08-2017 07:06 PM     عدد المشاهدات 802    | عدد التعليقات 0

أعضاء بشرية للبيع

الهاشمية نيوز - تناقلت وسائل الإعلام خبر اكتشاف شبكة كبيرة للاتجار بالأعضاء البشرية في مصر معظم ضحاياها من الشباب المهاجرين من دول مجاورة، وإن كان خبر اكتشاف مثل هذه الشبكات ليس مفاجئا لكن حجم هذه الشبكة ومثيلاتها وانتشارها الواسع في كثير من البلدان الفقيرة وتلك المنكوبة بالحروب الأهلية وفي أوساط المهاجرين يستدعي وقفة جادة من قبل المؤسسات الدولية لما يترتب عليها من آثار قانونية وأخلاقية وصحية.
فزراعة الأعضاء تعتبر الحل الأكثر نجاعة لكثير من الأمراض خصوصا أمراض الكلى والكبد، مما يرتب إقبالا شديدا من قبل المرضى، حيث إنه في الولايات المتحدة وحدها هناك حوالي مئة ألف مريض ينتظرون دورهم للحصول على كلية يقضي منهم سنويا حوالي 4 آلاف نتيجة عدم توفر كلية، يحدث هذا في دولة يتم الحصول على ثلاثة أرباع الكلى من الأموات، بينما يأتي الربع الباقي على سبيل التبرع من قبل الاقارب أو الاحبة.
أما إذا أخذنا إسبانيا كمثال مختلف فإن الممارسة الروتينية أن تؤخذ الأعضاء للزراعة من كل المتوفين ما لم يوصَ خلاف ذلك؛ فالأصل التبرع وعدمه استثناء، لذلك تعتبر إسبانيا الدولة الأنجح في مجال التبرع بالأعضاء.
لكن حتى في هذه الدول التي قطعت شوطا كبيرا في الترويج والتنظيم لعملية التبرع بالأعضاء فإن الطلب المتزايد على الأعضاء يفوق العرض الثابت بأضعاف مما يفتح الباب للبحث عن وسائل اخرى للحصول على الأعضاء مثل اللجوء الى شرائها من خلال السوق السوداء وسماسرة الاعضاء, وهذا ما دفع البعض الى طرح موضوع مأسسة عملية شراء الأعضاء وإخضاعها لقوانين السوق تماما كأي سلعة يحكمها العرض والطلب.
هنالك وجهتا نظر متعاكستين حول هذه القضية الأخلاقية، فالفيلسوف الالماني الشهير"إيمانول كانت" يرى أن بيع أي جزء من جسم الإنسان يعني بالضرورة امكانية وضع سعر للإنسان نفسه مما يتعارض مع الكرامة الإنسانية ويندرج تحت بند العبودية.
أما أصحاب وجهة النظر المقابلة التي كان آخر من نادى بها مجموعة من الأطباء والقانونيين والناشطين الذين لا يرون بأسا في بيع الأعضاء ما دام أن البائع يقوم بذلك الفعل بحرية وعلم ودون إكراه.
كما أنهم يرون أن تنظيم هذه السوق الموجودة أصلا، "حيث تقدر منظمة الصحة العالمية حجمها بـ 10 الاف في السنة" سيؤدي الى ضمان حصول البائع على سعر عادل كما سيجنبه الآثار الصحية والنفسية الناجمة عن أجواء السرية التي تغلف مثل هذه العمليات ناهيك عن الوصمة الاجتماعية التي تطاردهم مدى الحياة.
لكن في المقابل هل يمكننا القبول بهذا المبدأ وسحبه على كل الأسواق الموازية وغير المراقبة، مثل تجارة المخدرات، بحيث تعمد الدول الى السماح ببيع المخدرات من أجل ضبط هذا السوق الواسع والتخفيف من ضرر ممارسته القاتلة.
اما السؤال الاخلاقي الشائك الآخر فيتمثل في ما اذا كنا نمتلك اجسادنا ابتداء ليكون لنا الحق في التصرف فيها, فكثير من علماء الشرع والاخلاق ينطلقون في تشددهم في قضية بيع الاعضاء وحتى التبرع بها عند البعض من منطلق عدم تملكنا لاجسادنا وبالتالي ينتفي الشرط الاهم لصحة البيع وهو التملك.
الموضوع شائك فمن جهة هناك المريض الذي يتعلق بخيط إيجاد متبرع او حتى بائع يمنحه حياة جديدة وفي المقابل هناك الفقير الذي يجد نفسه وقد تحول الى متجر متحرك للأعضاء التي يسومها الناس ويناقشون سعرها تماما كما لو كانت سلعا على أرفف المتاجر. وإلى أن تحل هذه الجوانب الأخلاقية والقانونية ستبقى هذه التجارة رائجة وتتوسع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :