تاريخ النشر - 27-12-2021 09:51 AM عدد المشاهدات 316 | عدد التعليقات 0
عمّانُ ذاكرةُ الطَّيِّبينَ
الهاشمية نيوز - عبد السلام عطاري
عمّانُ، المدينةُ البِكْرِ التي كلَّما تعتّقَ عُمرُها تزدادُ وهَجًا وتزدانُ بالفرحِ، عمّانُ المدينةُ التي ما زالَ الطفلُ يسعى في ذِكْرِها؛ حين تنشِدُ حريرَ الكلامِ بينَها وبين «عرّابةَ» الطاعنةِ في الحبِّ، ما بينهما قلبي بندول عشقٍ ودقّات فرحٍ أبديّ.
عمّانُ؛ عرسُ صبيةٍ أصابَها الشوقُ للفرحِ؛ فأزهرت لها التلالُ وشاح الليلِ لبردِ الشتاءِ، وأشعلت مصابيحَ الريحانِ للرّوحِ؛ فقشعت بعينيها توهّجَ النهرِ فصارَ النهرُ بشفتيه يرمي موالَه للغَورِ فانتشتْ فرحًا لمِحراثِ فلاحٍ قلبَ حنّاءَ الأرضِ ورمى زعترُه لذعةَ حبٍّ للوردِ الغربيِّ؛ فذاقَ الوردُ حلاوةَ رُطبِ بيسان.
عمّانُ رائحةُ المكانِ المعطّرِ بأريجِ قهوتِها وزجاجاتٍ من نرجسِ الشتاءِ، «وكرابيجِ حلب» في صعودِ الأشرفيةِ العتيقةِ وصوتِ «أسعد» ينادي الطفلَ الذي نسيناه في «سقفِ السيلِ» يزاحمُ المشاةَ وبائعِ «الفستقِ السودانيِّ» وحمّالِ خضارِ السيدةِ التي هبطت ندى السوقِ وبرد الصباحِ بكعبِها العالي، وياسمينِ البيوتِ العتيقةِ وحبقِها، ومجنونةٍ تحرسُ بابَ البيتِ وطرقاتِ الأسفلتِ الضيقةَ، ونوافذَ من بلّوطِ «دبّين» فوّاحة على الزمانِ، فيصعدُ العابرُ طلوعَ «الشابسوغ» و الجبالِ ليطلَّ على وسطِ البلدِ ما زالت بِكرًا كما كانت رغمَ حزوزِ العمرِ؛ كأنَّها خطوطُ النهرِ في حظِّ الشوقِ للقائِها.
عمّانُ جرسُ ميلادِ النبيِّ وجذعُ نخلةٍ تهزُّها فيساقط ريشَ النعاسِ الرّخيّ في ليلِها، ونغنّي لذاكرةِ المكانِ الذي كانَ.