-

كتابنا

تاريخ النشر - 25-08-2021 09:55 AM     عدد المشاهدات 259    | عدد التعليقات 0

الصلاة

الهاشمية نيوز -
كامل الشريف

حياتنا الراهنة معقدة صاخبة تقوم على التنافس، والتدافع، والمزاحمة.

من السيئات الكثيرة لهذه الحياة المبالغة في التظاهر، والخداع، والاستعلاء، ولبس أردية لا تتصل بالواقع.

حياة يصبح الإنسان فيها كالطاووس كثير الألوان، سخيف العقل، أو كما قال الشاعر الأندلسي:

مما يزهدني في أرض أندلس ألقاب معتصم فيها ومعتضد

ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد.

القرآن الكريم يسوق أنماطاً من ضحايا هذه الحياة، فقصة قارون تبدأ «فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ « وفرعون يقول «أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي» وقوم نوح «وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا».

حب التظاهر يبدأ هواية ثم يصبح طبيعة، ثم ينتهي بالنتيجة المحتومة وهي خداع النفس قبل خداع الآخرين.

كما يقول شكسبير في روايته «الحب الضائع»: «تلك الجمل الحريرية، والتعابير الملساء، والعواطف المنافقة.. ذباب الصيف ملأني بالتظاهر والخداع».

ما أحوجنا إلى لحظات نمارس فيها البساطة، والتواضع، والمساواة، ثم نبدأ من جديد.

وجدت أن صلاة الجماعة مرّات في اليوم تحقق ذلك. وتضع الإنسان في مكانه بعيداً عن الزيف والتمثيل.

هناك يبدأ من الصفر، ويضع جبينه على الأرض، وتظهر نفسه أمامه دون أصباغ أو ألوان.

هناك يقف الأمير والرئيس إلى جانب سائقه أو خادمه لا يفصل بينهما حاجز، أو يميزه عنهما لقب أو مركز.

لا يعالج هذه العقدة النفسية أكثر من صلاة الجماعة.

اسطنبول، ابريل 1989



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :