التغيير ليس مستحيلا

الهاشمية نيوز - فدوى بهجت خصاونة

أولئك الذين يعتقدون أنهم قادرون على تغيير الأشخاص هم في الواقع أقرب لأن يكونوا مجانين «ستيف جوبز».
تقول إحدى السيدات: منذ اليوم الأول لارتباطي بذلك الرجل بدأت كل يوم أكتشف به صفات كثيرة بعضها حسنة وأغلبها قبيحة حاولت أن أركز لإظهار بعض الفضائل المغطاة تماما والمخفية بسبب الرذائل والصفات السيئة البارزة بشخصيته.
كنت أتحسس رائحة المشروبات في نَفَسِه وعلى ثيابه، كنت أعي كذبه، وعدم احترامه للآخرين، وكنت على يقين انه رجل بخيل طماع؛ حتى وصل به الأمر أن يفكر بنبش قبر والده بعد أن علم أن أخاه حصل على حصة إضافية من الميراث بوصية من والده وبحضور محام؛ فقد كان أخوه صغيرا ولم يتعلم بعد ولم يحصل على وظيفة وارتأى والده أن يهبه بيتا ليضمن له حياة كريمة بعد موته»؛ هذه الحادثة لا أستطيع التخلص منها أحاول جاهدة أن أقذف بها في سلة المهملات وأنساها تماما، ولكن هيهات.
فكيف أنسى إصراره على أن يخرج جثة والده الميت من قبره منذ أكثر من سنتين ليتمكن من الحصول على تقرير من الطب الشرعي مفاده أن والده كان يعاني من اضطرابات عقلية بسبب تعاطيه بعض الأدوية نتيجة إصابته بمرض عضال؟
كان صوته يعلو على الجميع؛ هو يريد حصة أخيه الأصغر و يدعي أنه هو الأحق بها، فقد كان الأقرب والأحب إلى أبيه على حد قوله.
صفات كثيرة اكتشفتها في زوجي حاولت أن أغيرها؛ حاولت أن أجعله يصلي و يكف عن تعاطي الخمر، نجحت في إقناعه بالصلاة واظب على الصلاة في المسجد، ولكن لم أفاتحه في ترك تعاطي الخمر لم أشأ أن أحدثه بالأمر بشكل مباشر خوفا من أن يتجرأ أكثر ويضع زجاجات الخمر في ثلاجتي.
مر وقت طويل وهو ملتزم بالصلاة أحسست أنه بدأ يتغير ولكني لست واثقة تماما فقد كان يكذب كثيرا وفي كل مناسبة وفي كل موقف كان يكذب.
مضى على حاله سنة كاملة وهو يصلي ولكن هناك قوة شيطانية كانت تحرك فيه عاداته وسلوكه السيئ وتبرزها أكثر، حتى اكتشفت انه يتعاطى المخدرات ويقوم بترويجها، يتعامل بالرشاوى، وصفات كثيرة.
ومع كل ذلك لا زال لدي إصرار على تغيير زوجي، في كل يوم كنت أحدثه أن الحياة ممر وليست مستقرا أن الحياة لا تدوم لأحد، والشيء الوحيد الذي يدوم هو الخير والعمل الصالح.
كان يستمع لكل هذا الكلام، وبعد أن أكمل حديثي يخرج إلى وجهته المعتادة، وبعد أن اعتاد على كلامي ووجودي ترك الصلاة وتمكن منه الشيطان.
استغرقت محاولاتي لتغييره أكثر من عشر سنوات، ولم يتغير به شي بل أنا من تغيرت لازمتني أمراض نتيجة السهر والانتظار، أصبحت باهتة خسرت لمعة عيوني و إشراقة وجهي ذبلت مشاعري، وعواطفي تبلدت، ضاع عشر سنوات من عمري مع رجل يتعاطى المخدرات ويكذب ويجمع مالا بطرق غير مشروعة حتى كرهت نفسي، ولمتها فقد أخطأت بحق نفسي كثيرا، لم يكن من السهل تغيير شخص عاق، شخص يكره إخوته، شخص كاذب يفعل كل المحرمات محكوم لهوى الشيطان.
ومع كل ذلك و بعد عشر سنوات أدركت أن علي أن أستعين بأكثر من شخص ليساعدوني على تغيير سلوكات زوجي البارزة وأوكلت لكل شخص مهمة تغيير سلوك واحد وبذلك احتجت لثلاثة أشخاص واحد يشتغل ليخلصه من عادة الكذب وآخر على حب إخوته وصلة الرحم وآخر على الصلاة، وبدأوا المهمة وباشروا عملهم واقتربوا من زوجي واعتاد عليهم وعلى لقائهم كل بمفرده، وبعد شهر تغير الأشخاص الثلاثة وانجرفوا مع زوجي وانبهروا بما لديه من أموال وأفكار ونسوا ما طلبته منهم.
وبعد كل هذا الحديث المؤلم بدأت السيدة بالبكاء وآثرت الوقوف عند هذا الحد من قصتها.
هذا الجزء من القصة جعلني أدرك أنه من السهل عليك: أن تغير ستائر النوافذ في بيتك، ومن السهل جدا أن تغير سيارتك ومن السهل أن تغير تسريحة شعرك، سهل جدا أن تغير مكان إقامتك وسهل كذلك أن تغير سلوك طفلك ولكن صعب جدا أن تغير سلوك إنسان سيئ، حتى مراكز الإصلاح والطب النفسي ستظل عاجزة عن تعديل السلوك وإحداث تغيير في صفات الشخص القبيحة، وهل من السهل ان نغير طبيعة الشتاء ونقلل برودة الثلج؟
وهل من السهل أن نغير سلوك الذئاب؟أو نغير من مرارة طعم الملح؟، وأدركت أيضا أنه عندما يملك الإنسان رذيلة واحدة قد يكون من السهل تهذيبها وليس تغييرها، والتهذيب لا يكون إلا بشرط استبعاد مؤثرات تأمر بالمنكر كأصدقاء السوء، والزوجة السيئة التي تؤثر على زوجها ليكون عاقا قاطعا للرحم، ولكن يبدو الأمر أصعب ولربما يستحيل عندما تجتمع بالشخص مجموعة صفات سيئة و يلازمه أناس لا يملكون وازعا أخلاقيا؛ فيغرق في ظلمات بعضها فوق بعض، وهل يسمع الصم الدعاء؟
التغيير ليس مستحيلا إذا سعى الإنسان لذلك من تلقاء نفسه: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.