-

كتابنا

تاريخ النشر - 29-06-2021 11:10 AM     عدد المشاهدات 399    | عدد التعليقات 0

موسم الفقوس والتعب المريح

الهاشمية نيوز -
رشاد ابو داود

تراهم في كل شارع وكل حارة وزقاق . هذا بدأ بعشر صحارات بندورة ، ثم أضاف اليها مثلها بطاطا . تحسن البيع ، أضاف عشر شوالات بصل ، ثم بعد أن تحسن أكثر ، ضم اليها عدداً من خضار الموسم ، وما ألذها في بلادنا .

تبدأ الحكاية بالحاجة الى عمل ، أي عمل . «الشغل مش عيب» لكن العيب أن تمد يدك للناس . هكذا تربينا ، وهكذا تؤمن الناس . الكرامة أولاً ومن بعدها كل شيء.. كل شيء يهون حين تتوفر الارادة .

الآن موسم الفقوس ، حتى يخيل اليك أن كل البسطات على الطرق بين مدننا نسخة عن بعضها البعض.أجملها تلك التي تكون قريبة من أرض زراعية . يقول لك البائع «هذه من هنا ، من هذه الأرض « ويشير اليك الى لوحة ربانية جميلة ، أرض حمراء مزينة بنباتات خضراء . يكسر فقوسة ويقدمها لك لتتذوقها كدليل على كلامه . تصلك رائحتها الشهية قبل أن تصل الى يدك . الفقوس أخو الخيار لكنه ليس هو كما لو انهما توأمان متشابهان كثيراً لكن مختلفين في الشكل و المذاق والنكهة .

قبل موسم الفقوس كان موسم الزهرة . الصفراء بلدية ، أغلى لكنها أشهى . ربما سموها زهرة لأن شكلها فعلاً كالزهرة ، كما أن الاسم أجمل من كلمة « قرنبيط» أحد اسمائها بالفصحى ، مع أن ختيارات زمان كانوا يسمونها «قمبوطة» تخفيفاً لقرنبيط.

موسم البتنجان «الباذنجان» يأتي قبل الزهرة . صحارات من الكرتون تزين الطرق السريعة بين مدننا وخاصة طريق عمان جرش . الصحارة عشرة كيلوات بثلاثة دنانير ، يا بلاش . حبات متعددة الأحجام أغلبها صغيرة للمكدوس ، والباقي لعدة أنواع ، اما قلي بالزيت أو طبخة «منزلة» أو في «المقلوبة» أو متبل . وان زاد فيمكن تفريزه الى الموسم القادم .

أسهل ما يمكن تفريزه ، وضعه في الفريزر ان وجد ، الفول الأخضر . بلاد الشام حباها الله بخيرات طيبة لكل منها موسمه . أذكر حين كنا ندرس في جامعة دمشق كانت محلات الخضار كلها خضراء بأكوام من الفول الأخضر و الفاصوليا و البازيلا . يخيل لك ، وهو ما كان فعلاً يحصل ، أن كل البيوت طبختها فول أخضر على مدى الاسبوع . يوم طبخة عادية مع ما يتيسر من اللحمة ، يوم فولية مع الرز وبجانبها اللبن بالخيار والنعنع ، يوم تحويس مع البصل وزيت الزيتون.

كانت أم فاطمة تتحفنا و..تتخمنا بأكلات الفول الأخضر ما دام الفول يملأ السوق . كنا أنا ونشأت مطر المعاني ابن الزرقاء نسكن عندها في غرفة من غرفتين وصالة على سطح بناية في حي المهاجرين بدمشق . تؤجرها للطلبة مقابل ماءتي ليرة سورية كانت أيامها تكفي لاعانتها على الحياة بعد وفاة زوجها .

سيدة فاضلة مكافحة كانت ، بحنان أم ، توقظنا صباحاً لنذهب الى الجامعة ، «رشاد ، نشأت يللا أوموا الساعة تمانية ما تتأخروا عن جامعتكم « . وعند عودتنا من الجامعة كانت رائحة الفول الأخضر تقترب منا ونحن نصعد الدرج الى الطابق الرابع ثم بيتنا ، أفصد بيت أم فاطمة على سطح البناية . يللا تعوا نتغدى ، تقول بلهفة أم على ابنها . مائدة شهية مع المخللات و الخضروات يتوسطها صينية كبيرة من الفول الأخضر الشهي .

أعاد الله العافية للشام ، كل بلاد الشام ، فانها أرض الرباط التي دعا رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - الله أن يبارك بها ، وهي أرض الخير وبوابة القدس و المسجد الأقصى .






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :