-

كتابنا

تاريخ النشر - 05-05-2021 10:34 AM     عدد المشاهدات 659    | عدد التعليقات 0

من ذاكرة البدايات متنزهات سيل الزرقاء

الهاشمية نيوز -
ناصر الريماوي



كان هناك متنزهان على حافة السيل، في الزرقاء.

تحديدا في منطقة الرصيفة. متنزه «زحلة» والآخر «إشبيليا».

كنا نرتادهما أنا وبعض أصدقائي في العطل الصيفية آنذاك.

أذكر جيدا بأنهما كانا يجذبان الكثير من الناس في الأمسيات الصيفية القائظة، وحتى ساعة متأخرة من الليل، وكنت أرى فيهما رقيا عاليا، من حيث الخدمة ونوعها واختيار المكان. كان وجودهما مماثلا لتلك المتنزهات السورية القائمة على امتداد نهر بردى، عبر ذلك الوادي التاريخي، مرورا بالينابيع الفائرة كعين الفيجة وبقين وعين الخضراء وحتى الربوة الشامية الساحرة.

ينتابني الفخر كل صيف وأنا أصغي للنوافير الصناعية وهي تعزف لحنها المائي على حافة السيل كل مساء. تأسرني أيضا أصناف المأكولات والمقبلات وحتى المازات بتلك النكهة المحلية الخالصة وذلك الحضور السوري العميق في الذاكرة.

بين يوم وليلة وهو ما لا يمكن تحديده على وجه الدقة، من زمن الغياب، ولنقل بعد آخر سهرة لي وسط تلك المتنزهات»الزرقاوية» الرائعة، تلاشى كل شيء واختفى، حتى أنه لم يعد ممكنا بعد تلك الكوارث البيئية المتلاحقة، أن تجد متنفسا، أو مقعدا واحدا على الأقل لتسترخي عليه عند حافة السيل.

بعد فترات الجفاف، المتعاقبة، تحركت مياه عادمة في قعر السيل، جرت حول ما بقي من طلول ونوافير راكدة ورجوم في ذلك المكان، لتجرف في طريقها كل شيء، ولتأخذ معها ما تبقى من ذكريات لنا وفخر.

منذ سنوات قليلة عادت بعض الحياة لمجرى السيل الأزلي، وتحديدا بعد بلدة «السخنة» وحتى بلدة «القنية» شمالا، ليعود معها مجرى السيل نقيا يحتفي بتدفق سخي وعمق كاف. ترفده عيون الماء القادمة من مناطق «الضليل» وغيرها، بعيدا عن ينابيع «رأس العين» أو «عين غزال» العمانية. ليكون مجراه زرقاويا خالصا هذه المرة.

بدأت تعود الحياة على حافته وفوق مجراه من جديد.

هناك الآن مزرعة مهملة تحولت إلى متنزه خاص عند مفترق الطريق إلى قرية «عين النمرة». هناك أيضاً جلسات صيفية ومساحات أخرى غير مزروعة بدأت بالتأهب والاستعداد لتحولات مماثلة.

اليوم في بلدة «القنية».. مطاعم ومتنزهات جميلة، نهضت حديثا، يمر منها السيل بل و يتشعب بين عرائشها جاذبا إليه الناس من شتى الأماكن، والبقاع المجاورة.

فوق التلال المحيطة في الطريق الواصل ذاته، هناك استراحات خاصة متجاورة، شيدت على مهل، أسوارها نصف حجرية تتسلق بعضها حمايات شائكة حتى النهاية، تحيط بمساحات صالحة للزراعة، ومنازل صغيرة مطلة على الوادي ومجرى السيل الكبير.

لكن ومع كل هذا.. ما تزال متنزهات الوجه القبلي للمدينة، تلك المتنزهات الغابرة والتي علقت أكثر مما يجب في الذاكرة الفردية والجمعية على حد سواء، هي الأقدر على إحياء المدينة، مدينة الزرقاء، بل وإعادة وجهها المألوف لمرة أخرى ليكون حاضرا بين بقية المدن، وليلتفت نحونا، من جديد.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :