تاريخ النشر - 19-04-2021 11:16 AM عدد المشاهدات 330 | عدد التعليقات 0
نهايات بائسة!
الهاشمية نيوز -
ماجد شاهين
في الشوارع العتيقة والأرصفة وعند عربات الخضار و الترمس و عند بوّابات المطاعم و البقّالات الصغيرة و محال الأدوات المنزليّة مثل الصحون والطناجر ، و كذا عند مصلّحي البوابير و بائعي أصابع الأسكيمو / البوظة المجمّدة ... كنّا نلتقي و نصنع النكتة الطازجة الطالعة من سيرتنا و أوجاعنا و همومنا و جوعنا .
الآن ، لا شيء طازجاً ، لا النكتة ولا الفكرة ولا المزاح.
النكات الآن معلّبة تصنعها شركات متخصّصة في بيع اللهو و تزجية الوقت .
الضحك الآن في البلاد معلّب و كثيرا ً ما تنتهي صلاحيّات النكات من دون أن يستهلكها أحد ، فتروح بلا فائدة .
..
كنا نصنع النكتة الطازجة والضحكة الطازجة تأتي بلا تكلّف أو وقار مصطنع ، والآن صارت النكات مصنوعة من خلال « ماكينات إليكترونيّة « تطرحها بوصفها بضاعة للبيع وليس فضاءات للتسرية المشروعة النفس .
..
انحسرت مساحات الضحك النقيّ المبهج لصالح « ضحك معبأ « يُباع في الصيدليّات على شكل كبسولات و قطرات و ربّما سنسمع عن « تحاميل للضحك « .
كان محمد طملّيه و يوسف غيشان و طلعت شناعة و عبد الهادي راجي المجالي وإبراهيم جابر إبراهيم و أحمد حسن الزعبي و موسى حجازين و رمزي الغزوي و كامل نصيرات و كثير من الأسماء الساخرة والناقدة ممّن كان قبلهم أو ممّن جاء بعدهم ، كانوا يصنعون النكتة الشعبية اليوميّة الطازجة أو السؤال السياسيّ الشعبيّ الساخر ، بالفكرة أو المفردة أو بحركة اليد أو حتى بالصمت !
الآن ، لا أحد يضحك ، حتى أولئك الذين ننتظر وجعهم اليوميّ .
ربّما لم تعد هناك أسواق تحتمل الضحك ولا توجد مطارح نافعة للضحك بعدما احتلّ التجهّم واجهات الأسواق و صار الناس يظهرون وكأنهم « مكرهون « على تناول القهوة أو شراء الخبز أو لعب طاولة النرد أو حتى الجلوس إلى الرصيف !
لن ينفعنا « علاجات ضحك « ، أو كريمات أو « حُقن مخصصة لزيادة منسوب التفكه « !
الآن ، يحاول أحدهم « بث ّ روح فكاهة « في الناس من خلال برنامج أو ندوة أو حلقة مبثوثة ، فيخرج الناس في أغلبهم ، بعد مشاهدة الحلقة أو الاستماع إليها ، يغادرون وقد استبد بهم الكمد و نالهم أذى ولحق بهم اضطراب .
ننتظر انقلابا ً في « مفهوم الضحك والحاجة إليه « ، أو سنذهب إلى نهاياتنا متجهّمين أو نغيب بلا « انفراجات و فكاهات معقولة « .
أو أننا سنخسر الضحك بوصفه علاجا ً أو فاكهة ً أو بوصفه وسيلة ضد القهر والحزن .