-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 20-01-2021 11:06 AM     عدد المشاهدات 324    | عدد التعليقات 0

أقصوصة .. هكذا يكون الصمود والثبات

الهاشمية نيوز -
الداعية نائلة هاشم صبري

هُدم بيتنا... كنت أقول في نفسي... سيعود بيتنا أجمل وأقوى عندما نعيد بناءه... وأذكر لحظة مجيء الجرافات وعندما أخذت تزلزل أركان البيت بكى أهلي وصاحوا وصرخوا انتقاماً لهدم البيت وأنا أهدئ من روعهم بأن لا يجزعوا فسيعود بناء البيت من جديد.
أدركت قيمة البيت لحظة الهدم وتأملت أركانه. وحين اقتربتُ من زوجي لأتحدث إليها وأهدئ من روعها وقفت الكلمات في حلقي وتركت مكانها للدموع الساخنة تنسكب... حين نظرت في عينيها وجدت فيها كل شيء حكايات من عيشنا السعيد الذي شهد ثمار زواجنا. وتجمع الناس والتفتوا حولنا قائلين:
«بيوتنا مفتوحة لك يا حاج عبد الرحيم». وأخذوا يجمعون أثاث البيت المتناثر.
وأقترب مني صديقي ليقول هامساً ويدعوني الى بيته ولكني أصررت في نفسي ألا أترك هذه البقعة من بيتي وفي قرارة نفسي أن أقيم على انقاضه خيمة ونظرت الى زوجي فوجدتها توافقني.
وأقبل ابني الصغير يطلب في براءة واهتمام أن أنصب له خيمة يلعب فيها.
احتضنت ابني وقبلته ووعدته ببناء خيمة كبيرة.
واحمرّ وجه ابني الكبير وأطلق من أعماقه صرخة: «سأنتقم... عالمنا عالم ناب وظفر وإن لم أتأذب فلا ريت تأكلنا الذئاب. وتذكر كل سنوات العشر التي قضاها في الاسر وذكر في نفسه أخوه الأسير ومن أجل عمله المشرف هدم بيتنا اقتربت منه وربت على كتفه... وسكت ابني وفي نفسه تصميم وعزم. وأطرقت رأسي ساهماً وأنا أنظر الى ابني وأتذكر الدروس التي أعطيها لأبنائي وهي حب الأرض والصمود وعدم الرحيل عنها وارتفع صوت ابني قائلاً ومعاهداً لي:
«لقد سمعت كلامك يا أبي سأبقى هنا مغروساً في أرضنا»، وابتسمت أمه وهي تزيح الدموع من عينيها وتشير الى ابننا... وتقول: «تعال واجلس بجانبي يا أسعد».
أصوات مختلطة... صيحات مسعورة وبوق سيارة من بعيد وطائرة تدوي كل شيء انتهى... البيت هُدم... تبعثرت أنقاضه... ولكنهم عادوا ثانية فماذا يريدون... تقف السيارة... يخرج منها الجنود... ومن الطائرة المروحية تتساقط قذائف الغاز على الناس. ويرتفع العلم الفلسطيني وتنطلق الصيحات من الحناجر. الله أكبر الله أكبر الله أكبر. تنطلق الرصاصات من فوهات البنادق وتصيب العشرات... وقد هدم الجنود الخيمة التي نصبها أبناء الحي الّا انهم أصروا على نصب الخيمة، وأعلنوا بإعادة بناء البيت من جديد ليكون أجمل من البيت الذي هدم.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :