-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 17-09-2020 10:09 AM     عدد المشاهدات 433    | عدد التعليقات 0

ساحات العلم تسع الجميع

الهاشمية نيوز -
د.حسان ابوعرقوب

ممّا تعلّمناه من شيوخنا أنّ العلم رحمٌ بين أهله، وممّا تعلمناه أيضا أنّ الحقّ أحقّ أن يُتّبع، والقضايا الاجتهادية غير القطعية كثيرة جدا، ولكلّ مجتهد نصيب فيها، حيث يرى المجتهد رأيه صوابا يحتمل الخطأ ورأي غيره خطأ يحتمل الصواب، فوجود الرّحم بين أهل العلم لا تعني المجاملة على حساب العلم، بل تعني أنّ اختلافنا في الاجتهاد والآراء لا يكسف شمس الأخوّة الدينية بيننا، بل ينبغي أنْ تظلّ حاضرة، فاختلاف الآراء ينبغي ألاّ يُفسد للودّ قضية.
ومن غير الواقعيّ أن يحاولَ أيّ طرف من الأطراف أن يلغيَ الآخرين أو يقوم بعملية شطب لهم من قائمة الوجود أو الحضور، وكلّ تلك المحاولات باءتْ بالفشل عبر العصور، ومن أوائل من تنبّه لذلك الإمام مالك -رضي الله عنه- إمام المدينة وعالمها في قصته مع الخليفة، فقد طلب الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور اعتماد (الموطّأ) كمرجعية لمختلف البلاد الإسلامية، فأجاب الإمام: (يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا، إن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم منهم بما سبق إليهم، وعملوا به، ودانوا به من اختلاف الناس وغيرهم، وإنَّ ردَّهُمْ عَمَّا اعتقدوه تشديد، فَدَعِ الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم) فقال الخليفة: لعمري لو طاوعتني على ذلك لأمرت به. وبهذا المشهد التاريخي تظهر قيمة احترام الخلاف، وقبول الآخر، وحسن التعامل مع التعددية الموجودة.
ومن جميل ما ذكره الإمام ابن حزم في رسائله :»محارب بن دثار ، أحد أئمة أهل السنة، وعمران بن حطان، أحد أئمة الصفرية من الخوارج، كانا صديقين مخلصين زميلين إلى الحج لم يتحارجا قط.
عبد الرحمن بن أبي ليلى كان يقدم عليّا على عثمان، وعبد الله بن عُكيم كان يقدم عثمان على عليّ، وكانا صديقين لم يتحارجا قط، وماتت أم عبد الرحمن فقدم للصلاة عليها ابن عُكيم».
ساحات العلم تسع الجميع، والنقاش العلمي مسموح به بل محمود، وتشخيص المسائل من قلة العقل والفهم، فيمكننا أن نعيش مع بعضنا بكلّ احترام وإخوّة ولو كنّا مختلفين.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :