-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 10-09-2020 09:29 AM     عدد المشاهدات 589    | عدد التعليقات 0

وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا

الهاشمية نيوز -
د.حسان ابوعرقوب

لا يحيّرني شيء في هذا الكون قدرَ ما يحيّرني هذا الإنسان، إنه المخلوق العجيب الذي لا يمكن أن يُفهم، ولا أن تتنبّأ بسلوكه وطريقة تفكيره إلا نادرا، وما أسهل أن يفاجئك ويثبت فشل تنبّؤاتك بشأن تفكيره وسلوكه.

هذا الإنسان الذي فُتحت له أبواب العلم والمعرفة، فصنع الطائرات التي تحلّق صباح مساء في السماء، ولم يقف طموحه عند هذا، بل صنع المركبات الفضائية التي سبحت في الفضاءات البعيدة، ولم يرض الإنسان حتى داس بقدمه أرض القمر الذي يتغزّل به الشعراء.

هذا الإنسان الذي اكتشف الأدوية المختلفة لكثير من الأمراض المستعصية، واللقاحات لأمراض كانت فتاكة وقاسية كالجدري والملاريا والطاعون وغيرها، وبنى المدن الصحية، وبعد أن كان الإنسان يموت بسبب الزائدة الدودية أو الباسور، صارت هذه وغيرها من الأمراض لا يُحسبُ لها حساب، وزاد متوسّط عمر الإنسان في ظلّ الرعاية الصحيّة المتميّزة عن القرون السابقة.

هذا الإنسان هو نفسه الذي اخترع القنابل النووية والهيدروجينية والصواريخ المدمرة العابرة للقارات، والدبابات والرصاص والألغام، اخترع كلّ تلك الترسانات والأسلحة ليقضي على أخيه الإنسان ويمحوه من خريطة الوجود، ويحتلّ أرضه، وينهبه ثرواته.

وعلى الرغم من كلّ ذلك الجبروت البشري نجد هذا الإنسان نفسه يقف عاجزا أمام مخلوقات صغيرة لا يراها بعينه المجرّدة، بل يحتاج إلى مجاهر ومكبّرات كي يتمكن من مشاهدتها، إنها الفايروسات التي حطّمت غرور هذا الإنسان، ولست بحاجة للبحث بعيدا في أعماق التاريخ، بل بنظرة سريعة إلى الماضي القريب نجد أن الإنفلونزا الإسبانية قد قضت على أكثر من 50 مليونا من البشر، كما قضت إنفلونزا الخنازير على ما يقارب 500 ألف إنسان، كما أدخل فايروس (إيبولا) 11 ألف إنسان القبر، وهذا فايروس كورونا يسير على نفس النهج والطريق، فيقتل البشر بلا شفقة أو رحمة، ويؤكّد على ضعف الإنسان الذي توهّم أنه إلهٌ للكون لا يكون إلا ما يريد، وها هي هذه المخلوقات الصغيرة توقظ الضمير الإنساني تذكره بضعفه وعجزه وحاجته لخالقه، وصدق ربّنا إذ يقول: (وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا).






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :