-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 30-06-2020 11:10 AM     عدد المشاهدات 497    | عدد التعليقات 0

الطريق الى المجهول

الهاشمية نيوز -
د.حسان ابوعرقوب

على الرّغم من أنّ جمهور أهل العلم أخذوا بتقسم سلطان العلماء وشيخ الإسلام العز بن عبد السلام (للبدعة) حيث جعل البدعة-وهي ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم-خمسة أقسام: واجبة كالعلوم التي يحفظ الدّين من خلالها، ومندوبة كصلاة التراويح على الهيئة الموجودة في أيامنا هذه، ومحرمة كمذهب المجسّمة والمشبّهة، ومكروهة كزخرفة المساجد، ومباحة كالمصافحة عقب صلاتي الصبح والعصر، إلا أنّ بعض العلماء جعل البدعة قسما واحدا فقط، وهو البدعة المحرمة، وتظهر ثمرة الخلاف من خلال توسّع الفريق الثاني بمفهوم البدعة المحرمة، حيث شملت: المحاريب في المساجد، واستعمال السّبحة للذكر، والذّكر الجماعي، والاحتفال بالمولد النّبوي الشريف، وغيرها كثير جدا، حتى إن أحد طلاب العلم جمع كتابا ذكر فيه البدع التي نص عليها شيخه في مؤلفاته، فتجاوز حجم المجموع ثمانمائة صفحة! ومن خلال الدخول في نفق البدعة بدأت الرحلة للمجهول، حيث انتشر التّبديع على أوسع نطاق في كلّ صغيرة وكبيرة، مع أنّ كل تلك المسائل المذكورة وغيرها كثير، هي من باب الخلاف الفقهي الذي يسع الجميع.

وبعد نفق التبديع سنقف عند محطة الإنكار، حيث لا يُسكت على (المبتدع) بل لا بدّ من نصحه ووعظه، والإنكار عليه، ومفارقته وترك مخالطته، وما أكثرَ نصوص العلماء في هذا! لكنها نصوص تحظر مخالطة أهل البدع الاعتقادية، كالمجسّمة والمشبّهة غالبا، ولا تصف المختلِف في المجال الفقهي الرّحب بالمبتدع وتوجب الإنكار عليه، لكن فريقا من المعاصرين –عفا الله عنهم-حملوها على الذين يختلفون معهم في الفروع الفقهية، فصاروا ينكرون على كلّ من اختلف معهم فقهيا؛ بحجة أنه مُبتدع، بل هجر بعضهم المساجد، بسبب الذكر الجماعي بعد الصلاة-الوارد في صحيح البخاري-بحجة أنه بدعة محرمة.

ونصل إلى نهاية النفق، تبديع واسع، ثم إنكار شديد، واعتزال لأهل البدع، فالنتيجة تكفير لهذا المجتمع الجاهلي، ورفع السلاح على هذه المجتمعات الجاهلية عند القدرة على ذلك؛ لأنّ المبتدع أشدّ خطرا على المسلمين من الكافر والمشرك، فيتم الانتقال من مرحلة الإرهاب الفكري النظري إلى مرحلة الإرهاب العملي، من خلال القتل والتفجير.

بطبيعة الحال هذه الرحلة لا يصل الجميع إلى نهايتها، فبعضهم يكتفي ببعض المحطات منها، لكنها لمن أراد هي الطريق الموصلة للنهاية الإرهابية، فالأفضل والأسلم عدم السير عليها، وإقفالها، وقديما قال أجدادنا: (الباب الذي يأتيك منه الريح، سِدّه (أغلقه) واستريح).






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :