-

مقالات مختارة

تاريخ النشر - 15-10-2019 10:47 AM     عدد المشاهدات 560    | عدد التعليقات 0

فرصة الانتقال من محاربة الفقر إلى صناعة الثروة

الهاشمية نيوز -
جمال الطاهات

منذ عام 1989، وهناك أزمة واضحة في المحافظات. وهذه الازمة تتزايد حدتها، وترتفع وتيرتها، مسيرات واحتجاجات ومطالب تتزايد حدة بحثاً عن فرص عمل آمنة ومقنعة، ولكن الاستجابة لها ما زالت بذات الادوات والسياسات التي أنتجت الازمة وتجلياتها الراهنة. ومن الضروري التوقف عند حقيقة مركزية وهي أنه وإن كانت محاولات حل مشكلة العاطلين عن العمل بطريقة ارتجالية وبالقطعة ميزة أردنية، إلا أن تدني معدلات النموالاقتصادي في الاطراف ليست ميزة أردنية. حيث تركز المشروع التنموي على إنشاء مراكز حضرية كبيرة، وقاعدة انتاج صناعي وخدمي ترافقت مع التفكيك السريع لأنماط الانتاج التقليدية في الأرياف. وترافق مع هذه السياسة بروز كتلة اجتماعية هامشية لم تعد فاعلة، حيث هجرت هذه الكتلة نمط الانتاج البسيط ولم تستطع اللحاق بعمل مرتفع الانتاجية والمردود.
نمو عرض العمل بشكل يفوق قدرة الاقتصاد الوطني على الاستيعاب. أدى إلى تفشى الفقر المدقع في المحافظات، وبدأت برامج مكافحته، التي يجب بحكم تعريفها أن تكون مؤقتة، تنتشر وتتسع. إلا أن الفقر تعمق. وبدأ البحث عن برامج وسياسات اقتصادية تستطيع أن تتعامل مع التحدي الجديد، والذي يتمثل بالقدرة على تطوير قاعدة الانتاج الوطنية كمياً ونوعياً، وضمان انتشارها جغرافياً، بما يمكنها من أن تستوعب طاقة العمل التنامية لدى الشعب الأردني.
وبعيداً عن نقد الكثير من البرامج والأفكار والمقترحات التي برزت في العقود الثلاثة الماضية، فالنتائج العملية تكفي لتقييم هذه البرامج. أغلب هذه البرامج جاء بمنطق (ورشات الصيانة) لتقديم حلول جزئية (وفرعية) حتى تفعل وتطور السياسات القديمة، ولكنها لم تقترب من مستوى إطلاق ديناميكا اقتصادية جديدة.
المحاولة الخجولة، التي لم تستنفد بعد، ولم تحظ بالنقاش والاهتمام الوطني المطلوب، جاءت في قانون البلديات رقم 41 لعام 2015. إذ تمثل الفقرة 3 من المادة 5 من قانون البلديات والتي توسع صلاحيات المجالس البلدية لتشمل (بشرط الموافقة المسبقة للوزير) صلاحية تأسيس شركات محلية بشكل مستقل، أو بالشراكة مع القطاع الخاص، فرصة حقيقية لاطلاق عملية الاستثمار على المستوى المحلي، وتحريرها من الكثير من القيود التي تعيقها.
ولكن، وبالرغم من الفرصة الكبيرة التي يتيحها قانون البلديات، فإن توسيع الصلاحيات لأي هيئة، يجب أن يعزز بنظام او تعليمات تنفيذية تقوم على تحقيق هدفين: الأول، تحفيز البلديات لممارسة هذه الصلاحيات، والثاني تعريف البلديات بمجموعة قواعد يمكن في حال الالتزام بها جعل موافقة الوزير حتمية. فالأصل أن تكون موافقة الوزير محددة بقواعد موضوعية، هذه القواعد لم يتم للآن توضيحها، مما يجعل هذه الفرصة عرضة لمخاطر حقيقية فيما إذا تغيرت قناعات الوزير، أو تغير الوزير نفسه، وجاء وزير بقناعات مختلفة.
هذا التحول القانوني قد يكون فرصة عظيمة، ولكن هذه الفرصة تحتاج إلى استكمال. صحيح أن الصلاحيات التي يشير إليها القانون، غير محددة من حيث القطاع والنوع وطريقة التأسيس، وصحيح أيضاً أن هذه الشركات التي تنشأ بحسب هذه المادة بعد تأسيسها وتسجيلها سوف تعمل بموجب قانون الشركات. ولكن هناك حاجة لقوة دافعة صغيرة تضع المكونات على اول الطريق مع طاقة كافية لبدء الحركة. فما يزال القانون، أقرب إلى الدعوة منه إلى نموذج لسياسة محلية مكتملة الأركان.
مثل هذا التحول، إذا اكتملت عناصره، سوف يضع أزمة الباحثين عن العمل على طريق الحل في سياقها الاجتماعي والسياسي الصحيح، ويمكن من احتوائها، ليس بالوسائل القسرية، وليس بتقديم المسكنات، ولكن عبر برامج تنمية حقيقية محلية توظف المزايا النسبية للمناطق والأرياف والمحافظات.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أضـف تعلـيق

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة الهاشمية الإخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة الهاشمية الإخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

عـاجـل :